فيليب لازاريني لـ"المجلة": مبادرة السعودية لـ"حل الدولتين" هي الخيار الوحيد المتاح حاليا... وأتواصل مع فريق ترمب لسلام الشرق الأوسط

المفوض العام لـ"الأونروا" حذر من حملة إسرائيلية لاعتبار الوكالة "إرهابية يجب تفكيكها"

أ.ف.ب
أ.ف.ب
فيليب لازاريني

فيليب لازاريني لـ"المجلة": مبادرة السعودية لـ"حل الدولتين" هي الخيار الوحيد المتاح حاليا... وأتواصل مع فريق ترمب لسلام الشرق الأوسط

لندن - قال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إنه بدأ التواصل مع فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. وقال: "نسمع باستمرار أن إحدى أولويات هذه الإدارة ستكون تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط،. ونحن قادرون على لعب دور إيجابي في أي عملية انتقال سياسي أو مسار يؤدي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقبلية وتعزيز مؤسسات فلسطينية قوية".

وقال لازاريني ردا على سؤال باحتمال تطبيق قانوني الكنيست الإسرائيلي: "سيصبح من المستحيل تنسيق أنشطتنا أو الحصول على تأشيرات لدخول الضفة الغربية أو غزة، مما سيؤدي في النهاية إلى إنهاء أنشطتنا"، مشيرا إلى "حملة تضليل تهدف إلى تصنيف (الأونروا) كمنظمة إرهابية يجب تفكيكها". وزاد: "في بداية الحرب، كان التخلص من الأونروا أحد الأهداف".

وسئل عن مبادرة "حل الدولتين" السعودية، فأجاب: "هذه مبادرة مهمة. في الواقع، هي إحياء لمبادرة السلام العربية، وهي بالتأكيد الخيار الوحيد المطروح اليوم. بشكل أساسي، تقدم هذه المبادرة خارطة طريق أو مسارا نحو إقامة دولة فلسطينية وتعزيز المؤسسات الفلسطينية". وزاد: "يمكن لـ(الأونروا) أن تلعب دورا محوريا فهي تقدم ومنذ 75 سنة الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية الأولية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، فأمكانها بالتالي المساهمة في بناء قدرات دولة فلسطين المستقبلية. فالهدف النهائي هو الوصول إلى مرحلة تتولى فيها دولة فلسطين مسؤولية أنشطة الأونروا".

وكان قد تردد أن خطة "التحالف الدولي لحل الدولتين" بقيادة الممكلكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية تتضمن إقرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن. وأوضح لازاريني: "الهدف الحقيقي هو وضع خارطة طريق للسلام تعالج القضية الفلسطينية وترسي مبادئ لا عودة عنها لاتقرار المنطقة، وتؤدي إلى مسار سياسي لحل الدولتين في المستقبل".

وحذر لازاريني من خطط إسرائيلية للضغط على "نحو 70 إلى 80 ألف شخص محاصرين بالكامل في شمال غزة، خاصة في جباليا" للنزوح إلى جنوب قطاع غزة. وقال إنه يبدو أن "شمال غزة لن يكون صالحاً لعودة الفلسطينيين في المستقبل القريب".

وقال المفوض العام لـ"الأونروا" إن عاملي الوكالة ما زالوا يديرون خدماتها من مدارس ومراكز صحية في سوريا وأن المبعوث الخاص لسوريا وغيره من المسؤولين الأمميين سيتواصلون مع الحكم الجديد، حيث يوجد في سوريا نحو 400 ألف فلسطيني. وأضاف: "هناك الكثير من التساؤلات في سوريا. إنه مزيج من الفرح والأمل والقلق. الجميع يأمل في أن تكون هناك عملية انتقالية سياسية سلسة وشاملة. ليس لدي أي مؤشرات حتى الآن على أن اللاجئين الفلسطينيين سيتأثرون سلبا بالعملية السياسية".

وهنا نص الحديث الذي جرى في لندن:

* أعتقد أن السؤال الرئيس الذي يشغل الجميع الآن، بما في ذلك كثير من المسؤولين، أن ترمب، الرئيس المنتخب في أميركا، سيتولى منصبه بعد بضعة أسابيع. ونحن نعلم أن ترمب لديه آراء مثيرة للجدل بشأن "الأونروا". ما خطتكم للتعامل مع ترمب عند تسلمه الرئاسة؟

- أولا، علينا التعامل مع إدارة ترمب الجديدة. لقد بدأنا بالفعل عملية التواصل، وآمل أن تكتمل قريبا.من الصحيح أن لا أحد يعلم حتى الآن السياسات التي ستنتهجها إدارة ترمب في المستقبل، لكننا نسمع باستمرار أن إحدى أولويات هذه الإدارة ستكون تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط، وهو ما قد يشمل تعزيز خطوات التطبيع مع دول المنطقة.

وفيما يتعلق بوكالة مثل "الأونروا"، أؤمن بأننا قادرون على لعب دور إيجابي في أي عملية انتقال سياسي أو مسار يؤدي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقبلية وتعزيز مؤسسات فلسطينية قوية. لذلك، آمل أن يستمر دور "الأونروا" الإيجابي في هذا السياق، وأن تظل جزءا من الحل في المنطقة.

*هل بدأتم بالفعل في التواصل مع فريقه؟ وهل حصلتم على أي ردود فعل؟

- لم يجر حتى الآن أي تواصل مباشر، لكن جرى التواصل بشكل غير مباشر. كما أنني سعيت للتواصل المباشر من خلال تقديم طلب لعقد اجتماع.

* هل تلقيتم أي ردود فعل إيجابية؟ وهل تعتقدون أنه يمكنكم لقاؤه قبل 20 يناير/كانون الثاني؟

- أتوقع أن أتواصل مع المسؤول عن ملف عملية السلام في الشرق الأوسط بحلول 20 يناير. نعم.

* في الوقت نفسه، هناك ظروف مختلفة في إسرائيل. نعلم أن الكنيست صوّت بفرض حظر على أي نوع من العلاقات مع "الأونروا". بالطبع، هناك تفسيرات مختلفة لهذا القانون الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ نهاية يناير المقبل. قد تشمل هذه التفسيرات القدس فقط، وقد تشمل القدس وغزة والضفة الغربية أيضا. برأيكم، ما التفسير الأكثر ترجيحا لهذا القانون؟

- حسنا، لا أحد يعلم يقينا، لأن الوكالة أو المجتمع الدولي لم يتلقيا أي توجيهات واضحة بشأن هذا الموضوع.نحن نتحدث الآن عن قانونين . الأول يهدف إلى حظر وجود ونشاط "الأونروا" في ما تعتبره إسرائيل أراضيها السيادية، وهذا بالنسبة لإسرائيل يعني القدس الشرقية، رغم أن المجتمع الدولي يعتبر القدس الشرقية منطقة محتلة.أما المشروع الثاني في الكنيست فيهدف إلى حظر أي اتصال بين مسؤولي "الأونروا" والمسؤولين الإسرائيليين. إذا جرى تطبيق هذا القانون، فسيصبح من المستحيل تنسيق أنشطتنا أو الحصول على تأشيرات لدخول الضفة الغربية أو غزة، مما سيؤدي في النهاية إلى إنهاء أنشطتنا.

إذا توقفت "الأونروا" عن أنشطتها، فإن مسؤولية تقديم خدمات التنمية البشرية، مثل التعليم والرعاية الصحية الأولية والخدمات الاجتماعية، ستعود إلى القوى المحتلة، وهي إسرائيل

صحيح أن واضعي هذا القانون يهدفون أيضا إلى شل عمل الوكالة في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، والهدف الحقيقي وراء ذلك هو حرمان الفلسطينيين من وضع اللاجئ، وهي صفة قانونية. وإذا جرى تنفيذ هذه القوانين، فستكون لها عواقب إنسانية كارثية، مثل حرمان مئات الآلاف من الفتيات والفتيان من التعليم، وحرمان ملايين اللاجئين الفلسطينيين من الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية.كما سيؤدي ذلك إلى إضعاف أداة المجتمع الدولي التي تم وضعها لمعالجة محنة اللاجئين الفلسطينيين، وهي "الأونروا". فـ"الأونروا" هي الرد الدولي الذي قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبالتالي، إذا توقفت "الأونروا" عن أنشطتها، فإن مسؤولية تقديم خدمات التنمية البشرية، مثل التعليم والرعاية الصحية الأولية والخدمات الاجتماعية، ستعود إلى القوى المحتلة، وهي إسرائيل.

* نعلم أن هناك مشروعين بقانون، لكن في الوقت نفسه، نسمع من بعض المسؤولين الإسرائيليين، وبعض الوزراء في الحكومة، حديثا عن الضفة الغربية أيضا، مثل ضم الضفة الغربية. وهذا يعني عمليا، أنهم ربما يخططون لقطع أي نوع من العلاقات مع "الأونروا"، حتى في الضفة الغربية وغزة.

- عندما يتعلق الأمر بتنفيذ القانون، كما ذكرت، لا توجد حتى الآن أي توجيهات واضحة. ولهذا السبب، تتعدد التفسيرات بشأن ما إذا كان القانون سيُنفذ فقط في القدس الشرقية، أو ما إذا كان سيشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية المحتلة وربما أيضا غزة، . حتى الآن، لم يجر تقديم أي توجيهات رسمية أو إظهار أي نوايا محددة. وحتى ذلك الحين، سيظل الوضع غامضا.

أ.ف.ب
مدرسة تديرها وكالة الأونروا في رفح جنوب قطاع غزة في 14 نوفمبر 2023

* جميعنا شهدنا نوعا من الاتصالات المتوترة والتصريحات القاسية تجاه "الأونروا". هل نجحتم في إقامة أي نوع من التواصل الإيجابي مع الحكومة الإسرائيلية؟

- كما تعلم، لدينا مستويات  مختلفة من التواصل . لدينا العلاقة الرسمية، وهي علاقة صعبة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، هناك حملة تضليل تهدف إلى تصنيف المنظمة كمنظمة إرهابية يجب تفكيكها. أود فقط أن أذكّر بأنه ومنذ  بداية الحرب، كان التخلص من وكالة مثل "الأونروا" أحد أهداف هذه الحرب.

أما بالنسبة لما أسميه العلاقة التشغيلية أو العملية، فلدينا مدير في الميدان يقوم يوميا بالتنسيق مع نظيره الإسرائيلي لتنظيم حركة قوافلنا وتنسيقها. على سبيل المثال، في غزة، يجب تنسيق كل حركة لضمان سلامة موظفينا أولا.

* بالعودة إلى القضية الإسرائيلية، هل تعتبر "شخصاً غير مرغوب فيه"؟

- ليس لدي تأشيرة دخول.

* هل يعني ذلك أنك شخصية غير مرغوب فيها (PNG)؟

- لم تُجدَّد تأشيرتي، لذا لا يمكنني العودة إلى القدس، وعدم تجديد التأشيرة لي كمفوض عام، بينما مقر عملي الرسمي في القدس، يعادل فعلياً اعتباري شخصية غير مرغوب فيها.

إذا انسحبنا اليوم، فسيكون الأمر كمن يلقي الطفل مع مياه الاستحمام. سيخلق انسحابنا فراغا كبيرا، ليس فقط في غزة، بل أيضا في الضفة الغربية أو القدس الشرقية

* بناءً على مشروعي القانون الإسرائيليين، سيتم في مرحلة ما فرض قيود على أنشطة "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية، وستعتمد المناطق المحددة التي ستتأثر، سواء كانت الضفة الغربية أو غزة أو القدس الشرقية، على كيفية تفسير وتنفيذ هذه القوانين.كيف سيتم تنفيذ ذلك؟ وهل ستكون هناك ميزانية إسرائيلية لتحل محل أنشطة "الأونروا"؟

- مرة أخرى، هذا سؤال يجب توجيهه لإسرائيل، فنحنفي "الأونروا" سنظل ملتزمين بتقديم خدماتنا للاجئين الفلسطينيين حتى آخر يوم يمكننا فيه فعل ذلك. ولكنك محق:لقد بدأ العد التنازلي، والمفترض أن يكون التنفيذ بحلول 30 ينايرالقادم. ولهذا السبب فإنني أطالب بأمرين: أولهما، التراجع عن هذا القرار وعدم تنفيذه، لأنني أعتقد أنه ستكون له عواقب وخيمة، مثلإضعاف قدرتنا الجماعية على مواجهة أزمة إنسانية غير مسبوقة، فـ"الأونروا" جهة رئيسة من الجهات التي تقدم المساعدة. وبالتالي، فإن تنفيذ القانونين سيُضعف قدرتنا الجماعية في وقت ينبغي فيه– على العكس– تعزيزها.

ثانيا، لنفرض أن وقفا لإطلاق النار تحقق غدا، فمن ذا الذي سيكون قادرا على إعادة مئات الآلاف من الفتيات والفتيان، الذين يعانون من صدمات عميقة ويعيشون حاليا بين الأنقاض، إلى المدارس؟ لا توجد أي وكالة أممية أخرى مهيأة لتقديم خدمات عامة بهذا النطاق. المؤسسات العامة والحكومات فقط هي التي يمكنها تقديم التعليم على هذا المستوى.ستكون النتيجةالتضحية بجيل كامل، ما يعني أيضا زرع بذور مزيد من التطرف والاستياء، ولا سيما أنه لا توجد سلطة فلسطينية قادرة حالياً على إعادة مئات الآلاف من الفتيات والفتيان إلى المدارس في غزة، وينطبق الأمر نفسه على الرعاية الصحية الأولية. اليوم، نقدم ما بين15000 و18000 استشارة طبية يوميا للاجئين الفلسطينيين في غزة، وهو ما يعني أن نحو نصف مليون شخص يحصلون على الرعاية الصحية الأولية من الأونروا. لا توجد أي منظمة أخرى قادرة على تحمل هذا النظام الصحي الأساسي الذي أقامته "الأونروا" بهذا الحجم.

علينا أن نفهم بوضوح: إذا انسحبنا اليوم، فسيكون الأمر كمن يلقي الطفل مع مياه الاستحمام. سيخلق انسحابنا فراغا كبيرا، ليس فقط في غزة، بل أيضا في الضفة الغربية و القدس الشرقية. في الضفة الغربية، لدينا 50 ألف طفل دون مدارس، ونصف مليون شخص يعتمدون على مراكزنا الصحية. من سيتولى هذه الأنشطة؟ هل ستستطيع السلطة الفلسطينية ذلك؟ نحن نعلم جميعا أن السلطة الفلسطينية لا تكاد تقدر اليوم على تقديم الخدمات للفلسطينيين غير اللاجئين  في الضفة الغربية. إنها على شفا الانهيار الاقتصادي. وبالتالي لن يكون بمقدورها تحمل هذا العبء الإضافي الكبير حالياً.

المبادرة السعودية هي الخيار الوحيد المطروح اليوم وهي خارطة طريق أو مسار نحو إقامة دولة فلسطينية وتعزيز المؤسسات الفلسطينية

باختصار، إذا اختفينا اليوم فسنخلق فراغاً. أما إذا كنا جزءا من عملية انتقالية، وجزءا من إطار سياسي، وجزءا من الحل، فسيمكننا على الأقل أن نصل إلى الهدف نفسه، أي تقليص دورنا، ولكن بعد سنوات قليلة، عندما تكون هناك حلول سياسية مستدامة ومؤسسات قادرة على تحمل أنشطة الوكالة.

* إننا نشاهد أنشطة مختلفة. هنالك بالطبع موضوع "الأونروا"، وهنالك غزة، ثم بعض التصريحات من بعض المسؤولين الإسرائيليين حول ضم الضفة الغربية. هل تعتقد أن كل ذلك مرتبط بعضه ببعض؟ وما الهدف السياسي من إضعاف "الأونروا" أو فرض عقوبات عليها بالكامل؟ هل هو إلغاء حق العودة للفلسطينيين بشكل كامل؟

- عندما نستمع إلى واضعي مشروع القانون أو إلى عدد من السياسيين الإسرائيليين، ندرك أن هدفهم هو تجريد الفلسطينيين من صفة اللاجئ. كما نسمع كثيراً دعوات لإنهاء حالة الضحية التي يعيشها الفلسطينيون بشكل نهائي. وثمة من يعتقد أن تجريد الفلسطينيين من صفة اللاجئ سيؤدي إلى حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل دائم.ولكن هذه فكرة خاطئة، إذ لا علاقة لصفة اللاجئ إطلاقا بتقديم الخدمات، فحتى لو توقفت الخدمات، ستظل صفة اللاجئ للفلسطينيين قائمة حتى الوصول إلى حل سياسي لقضية اللاجئين. زد على ذلك أن البعد السياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين مكفول في قرار مختلف تماماً (من الجمعية العامة للأمم المتحدة) عن القرار الذي أنشأ "الأونروا".

رويترز
فلسطينيون يتجمعون في انتظار استلام أكياس الدقيق التي توزعها (الأونروا) خلال هدنة مؤقتة بين حماس وإسرائيل، في خان يونس في جنوب قطاع غزة 27 نوفمبر 2023

* إذن فأنت تعتقد أن إضعاف الأونروا أو إلغاءها أو تقليصها لن يؤثر على حق العودة للفلسطينيين؟

- لن يؤثر على حق العودة للفلسطينيين، لأن حق العودة ليس مكفولا بقرار "الأونروا" (القرار 302). بل هو مكفول بقرار صدر واعتُمد قبل إنشاء "الأونروا (القرار 194)".

* بالنسبة إلى مبادرة "حل الدولتين" التي اقترحتها السعودية. أولا، ما الجدول الزمني لذلك بناء على تواصلكم مع السعوديين؟ وثانيا، ما الدور الذي ستلعبه "الأونروا" في خارطة الطريق هذه؟

- أعتقد أن هذه مبادرة مهمة. في الواقع، هي إحياء لمبادرة السلام العربية، وهي بالتأكيد الخيار الوحيد المطروح اليوم. بشكل أساسي، تقدم هذه المبادرة خارطة طريق أو مسارا نحو إقامة دولة فلسطينية وتعزيز المؤسسات الفلسطينية.

في هذا الإطار، يمكن للأونروا أن تلعب دورا محوريا إذ أنها ومن واقع خبرتها  بتقديم التعليم والرعاية الصحية الأولية لملايين اللاجئين الفلسطينيين على مدى عقود فهي قادرة على المساهمة في بناء قدرات دولة فلسطين المستقبلية. الهدف النهائي هو الوصول إلى مرحلة تتولى فيها دولة فلسطين مسؤولية أنشطة "الأونروا".

* الآن، أعتقد أن هناك خارطة طريق، صحيح؟ هناك خارطة طريق تتضمن اجتماعات محددة...

- نعم، هناك خارطة طريق للاجتماعات، وهي تحرز تقدما. هناك تحالف من عدد من الدول الأعضاء. لا أعرف إلى أين ستصل، لكن على الأقل سيكون هناك اقتراح يجري تداوله ووضعه على الطاولة.

إذا فشلنا في التحرك وطُلب من "الأونروا" وقف أنشطتها، فسيُحدث ذلك فراغاً كبيراً، ولن يكون هناك بديل جاهز، لأن أي مؤسسة لن تكون مهيأة لتحمل الأنشطة الأساسية التي تقدمها الوكالة

* إلى الجمعية العامة، ثم إلى مجلس الأمن، صحيح؟

- يجب أن تسأل عن هذا الأمر أصحاب المبادرة أنفسهم. لكن الهدف الحقيقي هو وضع خارطة طريق مقترحة للسلام في المنطقة  على الطاولة، تعالج أيضاً القضية الفلسطينية، وتؤدي إلى مسار سياسي لحل الدولتين في المستقبل.

* رأيت أنك كنت في الرياض، وتشارك بشكل كبير في هذا النشاط...

- نعم، أنا مشارك إلى حد كبير في إدماج "الأونروا" ضمن هذا الإطار. أؤمن بشدة بأن وكالة مثل وكالتنا، تقدم خدمات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية الأولية– وهما من الحقوق الأساسية– يجب أن تكون جزءاً من هذا الإطار السياسي. القيام بذلك سيضمن حماية هذه الخدمات للاجئين الفلسطينيين خلال الفترة الانتقالية المحددة في خارطة الطريق السياسية.

من خلال اتباع هذا النهج، يمكننا الحفاظ على خدماتنا حتى يتم إنشاء بديل مناسب. ومع ذلك، إذا فشلنا في التحرك وطُلب من "الأونروا" وقف أنشطتها، فسيُحدث ذلك فراغاً كبيراً، ولن يكون هناك بديل جاهز، لأن أي مؤسسة لن تكون مهيأة لتحمل الوظائف الأساسية التي تقدمها الوكالة.

أ.ف.ب
فيليب لازاريني حلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإسباني في مدريد في 7 مارس 2024

* لدي سؤال حول "خطة الجنرالات" شمالي غزة؟

- نسمع الكثير من الأمور، ولكنها غير واضحة. أعني أن هناك الكثير من الخطط التي تتم مناقشتها، لكنني لست متأكداً من أي خطة أُعلن عنها رسميا كسياسة مستقبلية.

* ما تعليقك على هذه الخطة، خاصة وأنها مرتبطة بعملكم؟ لأن هذه الخطة قد تم تنفيذ جزء منها بالفعل. إلى أي مدى أثرت على دور "الأونروا"؟

- لا أستطيع التعليق على خطة لست على دراية كاملة بها، لكننا نسمع الكثير. نسمع من الإعلام، لكننا لم نرَ الخطة نفسها. ما نراه في غزة هو أن الجزء الأكبر من السكان في الشمال جرى نقلهم إلى الجنوب. لا يزال هناك حوالي 70 إلى 80 ألف شخص في شمال القطاع، وفق التقديرات، محاصرين بالكامل  خاصة في جباليا.

في سوريا نقدم المساعدة لحوالي 400 ألف لاجئ فلسطيني في البلاد، في حلب وحمص ودرعا ودمشق. لقد كنا بعيدين إلى حد كبير عن الأحداث والتطورات الأخيرة

تشير جميع المعلومات التي نتلقاها إلى أنه، بسبب الحصار المشدد، يمارَس ضغط كبير على السكان المتبقين لمغادرة الجزء الشمالي من غزة. وتشير التقديرات إلى أن نحو 200 ألف شخص لا يزالون في مدينة غزة. أما بقية سكان غزة فقد انتقلوا جنوب وادي غزة. وبناء على الملاحظات الحالية ومستوى الدمار والحصار المستمرين، يبدو أن شمال غزة لن يكون صالحاً للسكن للفلسطينيين في المستقبل القريب. وعلى الرغم من التقارير التي تشير إلى وجود جهود لتشجيع الناس على الانتقال إلى جنوب غزة، فإن الظروف والتحديات التي يواجهونها تجعل الوضع أكثر تعقيداً وصعوبة مما يتم تصويره. نحن حالياً نتمتع بإمكانية الوصول إلى هؤلاء الأشخاص لتقديم المساعدة.

لذا، بالعودة إلى سؤالك، يبدو أن النية هي الضغط على من بقي في شمال غزة للخروج منه.

* الآن هناك عملية مصالحة بين "فتح" و"حماس"، وقد تم تشكيل لجنة لإدارة غزة. هل تمت دعوتكم لتكونوا جزءاً من هذا "اليوم التالي" ضمن الخطة الفلسطينية؟

- لا، لم نتلقَ دعوة لذلك. كما أشرت، هذا الجهد يهدف أساساً إلى تعزيز المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وهو لا يتعلق بـ"الأونروا". أعتقد أن هناك الكثير من النقاشات التي جرت حول المستقبل، على الأقل حول كيف يتصور الفلسطينيون ذلك في المستقبل. ما يمكنني قوله اليوم هو أنه لا توجد حتى الآن خطة واضحة لليوم التالي في غزة. نسمع عن احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وهو أكثر من متأخر.

أ.ف.ب
مقر متضرر للأونروا في مدينة غزة في 15 فبراير 2024

* ولكنهم اجتمعوا يوم الأحد...

- ما زلنا نأمل في أن يكون هناك وقف لإطلاق النار. لقد تأخر كثيرا. ولكن اعتقادي أنه بين اليوم الذي سيكون فيه وقف لإطلاق النار واليوم التالي، ستكون هناك فترة طويلة وصعبة للغاية. ولهذا السبب أعتقد أنه سيكون من الغباء تماماً التخلص من وكالة مثل "الأونروا" في وقت نعلم فيه أن المستقبل القريب سيكون مليئاً بالتحديات الممتدة، وستستمر فيه المعاناة الإنسانية.

* أخيراً، سؤال عن سوريا. نعلم أن نظام الأسد قد أطيح به. لدينا الآن إدارة جديدة، حكومة انتقالية. وفي الوقت نفسه، نعلم أن هناك آلاف الفلسطينيين. بالطبع، الكثير منهم فروا من البلاد، لكن لا يزال هناك آلاف من الفلسطينيين، و"الأونروا" كانت تلعب دوراً كبيراً في سوريا. هل لديكم أي خطة للتواصل مع الحكومة الجديدة في سوريا؟ وما رؤيتكم لدور "الأونروا" في سوريا فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين؟

- ما يمكنني قوله عن سوريا أننا نقدم المساعدة لنحو 400 ألف لاجئ فلسطيني في البلاد، في حلب وحمص ودرعا ودمشق. لقد كنا بعيدين إلى حد كبير عن الأحداث والتطورات الأخيرة. المخيمات لم تتأثر ولم تتضرر بشكل مباشر.

هناك الكثير من التساؤلات في سوريا. الجميع يأمل في أن تكون هناك عملية انتقالية سلسة وشاملة. ليس لدي أي مؤشرات حتى الآن على أن اللاجئين الفلسطينيين سيتأثرون بالعملية السياسية

في سوريا، كما في دول الجوار الأخرى، كنا تقليديا نقدم المساعدة للدولة فيما يتعلق بالخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين، حيث ركزنا على الفلسطينيين بينما ركزت الحكومة على السوريين. أتوقع أنه إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فإن جميع أنشطتنا ستستأنف بالكامل في الأيام المقبلة. النشاط الوحيد الذي لا يزال متوقفا الآن هو المدارس، لكن زملائي أبلغوني أنه بحلول يوم السبت، يجب أن تُفتح حتى مدارسنا.

أعلم أن هناك الكثير من التساؤلات في سوريا. إنه مزيج من الفرح والأمل والقلق. الجميع يأمل في أن تكون هناك عملية انتقالية سياسية سلسة وشاملة. ليس لدي أي مؤشرات حتى الآن على أن اللاجئين الفلسطينيين سيتأثرون بالعملية السياسية.

* هل تواصلت "الأونروا" بالفعل مع الحكومة الحالية؟

- لا علم لي شخصيا بذلك. ولكنني أعلم أن زملاءنا على الأرض يعملون على تحديد الجهات المحلية المسؤولة في الوقت الحالي.وأعلم أنهم تواصلوا مع بعض الإدارات للتأكد من أننا نلتزم بالتوجيهات العامة التي ستصدر في البلاد. لكن لم يكن هناك أي تواصل رسمي مع الحكومة الانتقالية الجديدة التي يجري تشكيلها حالياً.

font change

مقالات ذات صلة