شهدت المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا في الأسابيع الماضية تحولات كبيرة على كافة المستويات، ولعل أبرزها كان التغيير الكبير الذي حدث في سوريا والإطاحة بنظام بشار الأسد، وإنهاء حكم البعث في سوريا بعد أن استمر منذ عام 1963.
وقد لعبت تركيا دورا كبيرا وراء هذا التغيير، ليس فقط عبر الدعم المباشر للمعارضة السورية، بل امتد أيضا إلى إدارة شبكة معقدة من التحالفات والمواقف الدولية والإقليمية وسعت للحد من النفوذ الإيراني والروسي في سوريا للتمهيد لهذا التغيير والقبول السلس به.
ويبدو واضحا أنه بعد هذا النجاح في إنهاء مأساة الحرب السورية، فإن تركيا تتأهب لتقديم نفسها كلاعب أساسي ومؤثر وقوة استقرار إقليمية ليس فقط في الشرق الأوسط، بل أيضاً في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي. فقد عملت تركيا بنجاح أيضا على إطفاء التوتر المشتعل والخلافات حول استخدام الموانئ بين الصومال وإثيوبيا والتي كادت أن تشعل حربا إقليمية جديدة في القرن الأفريقي.
واستطاعت تركيا جمع الدولتين للتوقيع على اتفاق أنقرة الموقع في 12 ديسمبر/كانون الأول 2024 والذي ضمن لإثيوبيا وصولا "موثوقا به وآمنا ومستداما تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية" إلى المياه الدولية بالبحر الأحمر ليعالج أحد أكبر مخاوف ومطالب إثيوبيا، والتي أصبحت منذ عام 1991 بعد استقلال إريتريا عنها، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان دون منفذ بحري. وقد نجح اتفاق أنقرة في أن يطفئ نيران حرب إقليمية جديدة قبل أن تندلع.
ثم أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 13 ديسمبر الجاري عن تقديم مبادرة جريئة لفتح قنوات التفاوض المباشر بين السودان والإمارات وتهدئة الأوضاع بين البلدين كعامل مباشر يدفع نحو إيقاف الحرب المستعرة في السودان.