يوسف إدريس الطبيب الذي انقلب على الطبّ، وانخرط في كتابة القصّة والمسرح والرواية ثائر بامتياز، على كل ما يعتبره موضع نقد اجتماعي أو سياسي أو أدبي، لم يترك قضية عربية وعالمية لم يناضل من أجلها.
بدأ مشواره في الجامعة فاشترك في تظاهرات ضدّ الاستعمار البريطاني وكذلك ضد الملك فاروق وكان من قيادات الحركة الطالبية في بداياته، أيّد الثورة الناصرية الاشتراكية، ثمَّ لم يلبث أن ارتدّ عليها وهاجمها، وأدخل السجن للمرّة الأولى، ثمّ انضم إلى الحزب الشيوعي وما لبث أن انفصل عنه، وفي هذه الأثناء بدأ يكتب القصة القصيرة وينشرها في بعض المجلات المصرية مثل "روز اليوسف"، و"المجلة المصرية"، ثم أصدر مجموعته القصصيّة الطويلة (اعتبرها بعضهم رواية) بعنوان "قصة حب" عام 1956. تخصّص في الطبّ النفسي ثمّ ترك المهنة، وعيّن محررا في "الجريدة" المصرية.
وفي عام 1961 انضمّ إلى المناضلين الجزائريين في الجبال واشترك في معارك استقلالية وأصيب بجروح، وقلّده الجزائريون وساما عربيا تقديرا لمشاركته في حرب التحرير. عاد إلى مصر، وعمل في الصحافة، وفي هذه المرحلة، وبعد نشره أعمالا قصصيّة عدة تمّ تكريسه قصّاصا كبيرا من أهم كتّاب القصّة العربية بل لقّبوه بـ"تشيخوف القصة العربية".
شغف بالجديد
وقد تجاوز يوسف إدريس المجال المصري، فنشر قصصه في بيروت وسواها. فالحياة بالنسبة إلى هذا الكاتب الكبير عملية تغيّر باستمرار (كحياته)، ولا شيء يبقى على حاله، ولذا فالأفكار والفلسفات والقيَم يجب أن تتغيّر باستمرار، وعلى هذا الأساس نراه باحثا عن قضية أو أفكار أو علاقات، أو حتى قيم. لكن غالبا ما يخونه هذا البحث، يصدمه سقوطه، بعدما استنفد هذا الانتظار.