100 الف عراقي يدعمون حكومة المالكي في مواجهة القاعدة

100 الف عراقي يدعمون حكومة المالكي في مواجهة القاعدة

[escenic_image id="5511133"]

تميزت الأشهر القلائل الأخيرة في العراق بفترات من الهدوء النسبي، الذي قطعته من آن لآخر التفجيرات الانتحارية الوحشية الموجهة إلى المباني الحكومية. تلك هي الإستراتيجية الجديدة للقاعدة في العراق، والتي تستهدف – فيما يبدو – التأكيد أن الاستقرار الظاهري يمكن أن يُعصف به في أي وقت. والإحباط الذي تولده تلك العمليات الهجومية يمكن فهمه تمامًا، نظرًا لقدرتها على تدمير حكومة المالكي وعدد الضحايا الذين توقعهم. ومع ذلك، فإن عدم رضا أعضاء مجلس الصحوة العراقي عن أوضاعهم يمثل تهديدًا أكبر لاستقرار العراق على المدى البعيد.

في عام 2007، عندما تدهور الأمن، توصل الجيش الأمريكي إلى خطة مغازلة زعماء القبائل السنية من أجل تغيير الأوضاع. وأصبح هذا بمثابة عنصر حاسم في جهود مكافحة التمرد في العراق. وبعد أن كان مجلس الصحوة يستهدف المدنيين في الماضي ويستهدف كذلك قوات الأمن الأمريكية والعراقية، تحول المجلس (أبناء العراق) الذي يتألف من 100 ألف عضو ضد تنظيم القاعدة وأعطى معلومات مخابراتية مهمة عن أعضاء التنظيم في العراق. كما أنهم شكلوا دوريات لتأمين العديد من الضواحي التي كانت تمثل معضلة أمنية في السابق. والأهم من ذلك أن الصحوة السنية، كما أصبح يطلق عليها بعد انحيازها إلى الولايات المتحدة والحكومة العراقية، كان لها دور حاسم في كسر أنماط النزاع الطائفي.

ومن الواضح أن مجالس الصحوة أصبحت أهم حليف للحكومة العراقية والولايات المتحدة، ليس بسبب التقارب الذي تم غرسه وتعزيزه فحسب ، ولكن لأن السنة العراقيين تعبوا من الهجمات العشوائية لتنظيم القاعدة. والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة وحكومة المالكي قد أعطوا وعودًا للمتشددين السنة السابقين، ومن بين الوعود قصيرة الأجل دفع الرواتب. أما الوعود طويلة الأمد فكان من بينها توفير الوظائف والاندماج في قوات الأمن التي يهيمن عليها الشيعة. وكلا الوعدين لم يتم الوفاء بهما حتى الآن.

واتهمت مجالس الصحوة الولايات المتحدة والحكومة العراقية التي تم نقل السلطة إليها فيما بعد بإغفال دفع الرواتب.ويمكن إلقاء جزء من اللوم في ذلك على أزمة ميزانية الحكومة العراقية بشكل عام ووزارة الداخلية على وجه الخصوص. وادعت مجالس الصحوة أيضًا أن حكومة المالكي لا تبذل كل ما في وسعها لاحترام وعودها الخاصة بدمج المتشددين السنة السابقين  في قوات الأمن. هذه المطالبات يدعمها بعض التطورات مثل إدراج 10 آلاف مقاتل في قوات الأمن العراقية. وهؤلاء المقاتلون من الميليشيات المتحالفة مع اثنين من الأحزاب الشيعية في الائتلاف العراقي الموحد. وحتى الآن، نسبة ضئيلة جدًا من أبناء العراق تم إدماجهم ببطء في قوات الأمن العراقية.

وهناك مسألة أخرى من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم الوضع. فقد تقلص العنف بصفة عامة في العراق باطراد خلال العام ونصف العام الماضي، بالرغم من اختلاف آراء المحللين حول هذا الأمر. ولكن وفقًا لما جاء في التقرير الذي كتبه أنتوني كوردسمان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية حول العراق، والذي يحمل عنوان "العراق .. اتجاهات العنف والضحايا المدنيين"، فإن الإصابات في صفوف المدنيين قد انخفضت باطراد خلال الفترة من نهاية عام  2007 وحتى بداية عام 2008، كما لوحظ انخفاض درجة العنف بشكل أكبر في عام 2009. فالهجمات الانتحارية على وجه الخصوص  أصبحت الآن أقل حدوثًا وإن كانت أكثر تحديدًا. فهي تستهدف أهدافًا حكومية، كما تستهدف أيضًا أعضاء مجالس الصحوة، وخصوصًا قادة هذه المجالس، وهي هجمات أكبر بكثير من مجرد كونها أعمالًا انتقامية. فهي إستراتيجية واضحة يتبعها تنظيم القاعدة وتهدف إلى استغلال الخلافات الطائفية والشعور بخيبة الأمل نتيجة عدم الوفاء بالوعود.

وإذا كان هناك شك لدى البعض حول جدوى وضع سياسة شاملة تحقق مصالح الجميع في العراق، فمن الواضح الآن أنه لن يكون هناك مستقبل مشرق للعراق إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع العودة إلى الولاءات الطائفية. فالسخط المتزايد الذي يشعر به أعضاء الصحوة السنية بسبب أوضاعهم، بعد المساعدة الكبيرة التي قدموها فيما يتعلق بتعزيز الاستقرار في العراق أمر يبعث على القلق. حيث لم يتم بعد تلبية احتياجات هذه الفئات، خاصة فيما يتعلق بمشكلة البطالة، مما يجعلهم بمثابة قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة. ومن ثم فالخطر واضح. و في حين أن غالبية مجالس الصحوة من المرجح ألا تنحاز مع تنظيم القاعدة مرة أخرى، إلا أن هؤلاء الآلاف من المقاتلين السابقين الساخطين والعاطلين قد يهدمون الاستقرار النسبي الذي ساعدوا على بنائه. وهذا بدوره  يعني عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2007، بينما المجال لا يتسع لارتكاب مثل هذه الأخطاء الفادحة.

font change