بمرور 15 يوما على سقوط النظام السوري، تراكمت صور المقابر الجماعية والأقبية والسراديب المظلمة التي حَبست بين جدرانها الرطبة وزنازينها الضيقة وتحت عروش رجال مخابرات نظام الأسد المخلوع في الأجهزة الأمنية المرعبة، مئات آلاف المعتقلين، وازداد حزن السوريين بعدما قطعوا الأمل في نجاة من تبقى من أبنائهم مع مصيرهم المجهول. والإعلان عن الانتهاء من عمليات البحث والتقصي عن معتقلات وسجون سرية للنظام المخلوع.
في زحمة الاكتشافات للمقابر الجماعية التي صنعتها مخابرات الأسد المخلوع، وبين رفات آلاف الضحايا، يتزاحم الإعلاميون والمصورون السوريون والمنظمات الدولية في مجال حقوق الإنسان على التقاط الصور وتوثيق المشاهد المرعبة التي اقترفتها مخابرات النظام السوري المخلوع وهربت، ونقل أهوال سجون النظام السرية الرهيبة التي فارق فيها آلاف السوريين حياتهم، تحت التعذيب والجوع، للسوريين وللعالم على حد سواء.
ويرى المصور السوري أحمد بربور، ومن خلال عدسته والتقاط الصور باهتمام بالغ، ونشرها على منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي، وسيلة ينقل من خلالها للعالم، الكوارث التي مر بها السوريون على مدار أكثر من 50 عاما من ظلم واضطهاد مرورا بالاستبداد والتعذيب وصولا إلى هذه المشاهد المروعة والكم الهائل من الفظائع التي اقترفها رجال مخابرات الأسد الأب والابن، وانتهت بمقابر جماعية قد يبلغ عدد ضحاياها من السوريين مئات الآلاف. ويقول لـ"المجلة": "عندما أوجد في أماكن شهدت مجازر جماعية، مثل مجزرة التضامن، يتركز اهتمامي على توثيق الحقائق بأكبر قدر من الموضوعية والدقة. أولا، أسعى لتوثيق المشهد العام للمنطقة المتضررة، ما يشمل حجم الدمار الذي لحق بالمنازل والمرافق العامة، لأن هذا يساعد في تقديم صورة واضحة عن حجم الجريمة. بالإضافة إلى ذلك، أركز على تفاصيل دقيقة مثل آثار القصف على المباني، والحفر التي خلفتها القنابل، والجثث أو الآثار البشرية التي قد تكون موجودة".
ويضيف: "كما أحرص على توثيق شهادات الناجين والمشاهدين، سواء كانوا شهود عيان أو أفرادا فقدوا أحباءهم في المجزرة. في توثيق شهادات هؤلاء الأشخاص، أركز على إعطاء صوت للضحايا وذويهم، لأن هذه الشهادات تعكس الحقيقة التي يحاول النظام التستر عليها أو تحريفها".
ويحاول المصور عارف وتد التركيز على دقة الصورة أو الفيديو الذي يعمل على تصويره في موقع الجرائم المرتبكة بحق السوريين الأبرياء ضمن أقبية أكثر من 50 مركزا للاعتقال في دمشق، ويذهب في تركيزه الآخر إلى التقاط مجموعة من الصور التي تحاكي واقعا مأساويا عايشه المعتقلون في زنازين مظلمة، ويقول: "نركز في عملنا التصويري على مسارح الجرائم التي مورست بحق آلاف المعتقلين السوريين والتي كانت عاملا أساسيا في وضع الشعب السوري ضمن دائرة خوف محكمة، لنعبر من خلال تفاصيلها الموجعة ما عاناه السوريون على مدار أكثر من خمسة عقود سواء بالقمع أو الترهيب أو الاعتقال حتى الموت".