يقدم زعيم الإسلاميين الجديد في سوريا، أحمد الشرع، نفسه كبديل واعد للديكتاتورية الوحشية التي فرضتها عائلة الأسد، ونظامهم السياسي المركزي الذي قمع أي تهديد لسلطتهم على مدار أكثر من نصف قرن.
ومع ذلك، هناك فجوة واضحة بين تطلعات أحمد الشرع، وواقع الحوكمة على الأرض، وهي الفجوة ذاتها التي أسهمت بشكل مباشر، في تراجع وفشل وانهيار الحركات الإسلامية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط خلال العقد الماضي.
كان السياق السياسي الذي عملت فيه الحركات الإسلامية في دول مثل مصر وتونس وليبيا والمغرب شديد التقلب، متأثرا بشكل كبير بتغيرات واسعة في الرأي العام، التي أعقبت الدعم الأولي الحذر الذي حصلت عليه تلك الحركات. هذه البيئة المتقلبة تجعل من الصعب على أحمد الشرع، أو أي جماعة إسلامية أخرى، الحفاظ على استقرار مواقفهم، حتى إذا أقدم الشرع على تفكيك "هيئة تحرير الشام"، وذلك إذا ما أخذنا التاريخ الحديث في هذه الدول بعين الاعتبار.
فهل سيثبت أحمد الشرع أنه مختلف هذه المرة، ويقدر على إحداث تحول سياسي غير مسبوق؟ وهل ستتمكن المشاعر العلمانية في سوريا من التعايش مع، أو في مواجهة، ليس فقط أيديولوجيا إسلامية واحدة، بل أيديولوجيات متعددة، تتراوح بين تيارات معتدلة وإصلاحية وأخرى متطرفة، تسعى لإقامة دولة إسلامية بوسائل عنيفة وإرهابية؟
هذا التنوع داخل المشهد الإسلامي، يؤدي إلى تعدد الأجندات والاستراتيجيات والتفسيرات، لما يعنيه الحكم وفقا للمبادئ الإسلامية، مما يجعل الوصول إلى توافق أو صيغة موحدة للحكم أمرا بالغ الصعوبة.
حتى الآن، تمكن أحمد الشرع من طمس الحدود بين العلمانية والدين خلال مقابلاته الإعلامية منذ 8 ديسمبر/كانون الأول. وقد أسفرت هذه الخطوة عن مفارقة لافتة، حيث يظهر زعيم إسلامي كان في وقت من الأوقات مرتبطا بأيديولوجيات بعض الجماعات الإرهابية، مثل "القاعدة" و"داعش"، وهو يتبنى اليوم خطابا ذا طابع علماني، وربما يتجه نحو سياسات تحمل سمات علمانية في الأشهر المقبلة.