حضر الفكر الاشتراكي في مصر منذ زمن بعيد. قدم مع المبتعثين المصريين الذين درسوا في أوروبا وبريطانيا منذ نهاية القرن التاسع عشر. العديد من هؤلاء تشبعوا بالأفكار الطوباوية المتنوعة مثل الفابية والاشتراكية الديمقراطية، وهناك من تعمق بدراسة الفكر الماركسي.
ويعد المفكر سلامة موسى من أوائل دعاة الاشتراكية في مصر. ولد هذا المفكر في عام 1887 في الزقازيق وأقام في فرنسا خلال الفترة من 1906 إلى 1909، أتيح له خلالها التعرف الى رموز الفكر والفلسفة هناك وأطلع على أعمال فولتير وماركس وتأثر بالنظريات الحديثة في السياسة والاقتصاد. عندما عاد إلى مصر اهتم بالدعوة للقيم العصرية وكتب أكثر من أربعين كتاباً، منها كتب تتعلق بالنظرية الاشتراكية. كان سلامة موسى مفكرا مستقلا، لكن برزت أحزاب وجماعات خلال مرحلة التعددية (1919 – 1952) ومنها أحزاب زعمت أنها اشتراكية أو يسارية مثل حزب مصر الفتاة وحزب العمال الاشتراكي والحزب الشيوعي المصري وحزب الفلاح المصري والحركة الديمقراطية. ربما لم تكن هذه الأحزاب ذات قاعدة جماهرية واسعة، إلا أنها تمكنت من صياغة ثقافة وطنية تهدف إلى تطبيق نظام اقتصادي بنزعة اشتراكية.
الدولة الشمولية وخسارة رؤوس الأموال
تغيرت مصر كثيراً بعد يوليو/تموز 1952 وأقامة نظاماً سياسياً شمولياً.
لم تكن لدى السلطة رؤية اقتصادية محددة وعملت بأسلوب التجربة والخطأ. مثلاً، اعتمد قانون الإصلاح الزراعي بهدف التخلص من سلطة الإقطاع وتوزيع الأراضي على الفلاحين. كما أن الضباط عملوا بعدما اشتد نزاعهم مع البريطانيين وبعد تأميم قناة السويس، على نزع ملكية الأجانب في الشركات والمؤسسات، الصغيرة والكبيرة، وهي مرحلة "التمصير"، أي تحويل الملكية من الأجانب المقيمين في مصر، ومنذ فترة طويلة، إلى المصريين.