في الطابق الأول إلى جهة الغرب داخل مقر "فرع فلسطين" التابع لشعبة المخابرات العسكرية أو ما يعرف بالرمز الأمني "235"، الذي كان يخشاه كل السوريين، قبل سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر/كانون الأول، ووسط الفوضى العارمة داخل مكاتبه وديوانه الرئيس الخاص بالمعتقلين، وبين مئات الوثائق التي تعرضت للحرق "عمداً" على أيدي عناصر هذا الجهاز، لإخفاء جرائم التعذيب والتجويع حتى الموت بحق المعتقلين وحول أعدادهم ومصير الآلاف منهم المجهول حتى الآن، عثرت "المجلة" على عدة وثائق تشير إلى اعتقال نساء سوريات لانتزاع اعترافات تخص ناشطين سوريين تربط بعضهم ببعض صلات قرابة.
الوثيقة الأولى كما هو مدون فيها تعود للمعتقلة السورية رامية نجيب المذيب، من مواليد منطقة نوى في محافظة درعا جنوبي سوريا، جرى اعتقالها من قبل فرع المخابرات العسكرية "248" بدمشق، في 28 أبريل/نيسان عام 2016، بعد ورود اسمها في التحقيقات الأمنية التي جرت مع شقيقتها رحاب نجيب المذيب، في الفرع الأمني ذاته أثناء اعتقالها، بعد الشك في علاقتها بأشقائها الناشطين الذين وصفوا بـ"المسلحين" ضمن الوثيقة.
وبتاريخ 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، (أي بعد اعتقال دام 5 أشهر بحق رامية)، جرى نقلها إلى "فرع فلسطين" وإخضاعها للتحقيق حتى تاريخ 7 ديسمبر 2016، وإحالتها بعد ذلك إلى قاضي الفرد العسكري بدرعا لمقاضاتها، بما نسب إليها، وبكل جرم آخر يظهر خلال مرحلتي التحقيق والمحاكمة.
"المجلة" حاولت الوصول إلى المعتقلة وشقيقتها التي كانت معتقلة أيضاً، أو ذويهما، لمعرفة تفاصيل أخرى عنهما وعن مصيرهما، لكن ضعف وانعدام الاتصالات حالا دون ذلك.
وفي وثيقة ثانية عثر عليها في الموقع ذاته داخل أحد المكاتب التي تعرضت للحرق في "فرع فلسطين"، ظهر فيها اعتقال كل من محمد قاسم بن محمد 1960، وزوجته 1979، من ريف حلب، في 2 يوليو/تموز 2017، بناءً على ادعاءات ضد بعضهما البعض، وجه له "فرع فلسطين" تهمة "تزويد المسلحين بالأدوية"، وتوجيه عبارات مسيئة بحق القيادة السياسية العليا والجيش العربي السوري، وتبين أنها معلومات كيدية من الزوجة، في الوقت نفسه وجهت إدارة المركز الأمني (الزوجة)، إلى التحقيق، بتهمة ورود اسمها الثلاثي بلوائح المطلوبين للفرع، بأنها و3 من أشقائها المسلحين (أحمد ومحمد ومحمود)، مرتبطون مع المجموعات الإرهابية المسلحة، وبناءً عليه جرى توقيفها وإتخاذ الإجراءات الأمنية بحقها.
كما عثر على وثيقة ثالثة تشير إلى ملاحقة الأجهزة الأمنية و"فرع فلسطين" العسكري، للسورية فاطمة بنت محمد ماهر تتان (25 عاما)، في حلب عام 2017، بسبب ورود اسمها أثناء توقيف شقيقها محمود تتان (34 عاما) والتحقيق معه في فرع الشرطة العسكرية بحلب، بتهمة مغادرة الأراضي السورية وعبور الحدود نحو تركيا بطريقة غير شرعية، مع زوجها محمد فتال عام 2015، قبل أن يحصل بينهما طلاق وتعود إلى سوريا، وتتزوج بعد ذلك من عنصر في قوات النظام السوري المخلوع بريف دمشق، وأثناء محاولتها دخول الأراضي الللبنانية، جرى اعتقالها من قبل الأمن السوري واقتيادها إلى "فرع فلسطين"، والتحقيق معها، وإحالتها إلى المحكمة العسكرية بحلب، لمحاكمتها، بما نسب إليها، وإجراء المقتضى القانوني بحقها أصولاً، وفقا لما ورد في الوثيقة.