حين أغلق العالم أبوابه بسبب جائحة كوفيد19، فُتح له باب النجاح على مصراعيه. يتوقف الرسام اللبناني رفيق الحريري في حديثه مع "المجلة" عند اختياره ضمن لائحة "فوربس" للمتميزين تحت سن الثلاثين، معتبرا أنه "المنعطف الذي تدفقت بعده الفرص"، مما خوّله التعاون مع علامات تجارية عالمية، والتحدث عن تجربته في قمة "Forbes Under 30 Summit" المنعقدة أخيرا في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
يروي الحريري أنه خلال اشتداد الجائحة، وقع التقاء الفرصة بالتوقيت المناسب. بحلول ذلك الوقت، نشر كتابه المصور الثاني "I found a heart" (وجدتُ قلبا) في 2021، الذي يعبر عن تجربة عاطفية مخيبة، لكن العزلة هيأت مساحة لمكاشفات القلب والتطهير النفسي. وكان يواصل نشر أعماله التي تتناول الصحة النفسية، موضوعا يحتل صميم النقاش في عالم يبحث عن التوازن.
الاسم، لا يمكن عند سماعه ألا يحدث وقعا، وقد سطع فوق الاعتيادي، فلاحقته الافتراضات التي تنفي الاستحقاق: "على عكس ما يظن البعض، لم يخدمني اسمي. بل كان يضعني في شبهات انتحال شخصية، وتصنيفات سياسية وطائفية ليست في حساباتي".
وبما أن الموهبة لا تكفي، فإن الحريري ثابر سعيا للتفوق، فحقق سمعة عالمية يؤسفه أنها خارج بلده، "أعتقد أن لبنان هو أقل البلدان العربية احتضانا لشبابه"، يقول. كرسته شركة "أدوبي إكسبرس" سفيرا لمنتجاتها، ينشر على صفحاته فيديوهات ترويجية ونصائح للمستخدمين. وقدم مع "أبل" ورشة حول التصوير الرقمي في السرد. وأعد رسومات لـ"نايكي"، ثم "بوما ميدل إيست" ضمن خطط المبيعات والترويج. واستضافته "واكوم" في دوسلدورف، حيث ناقش توليد الأفكار حول ارتباط الناس بثقافتهم، وصلته بالتطور الانساني. وعمل أستاذا زائرا في ربيع 2024 في كلية سافانا للرسم والتصميم في الولايات المتحدة الأميركية. كما تعاون مع هيئات ومنظمات إنسانية مثل الأمم المتحدة، و"أطباء بلا حدود".
يتمسك الفنان الشاب بإقامته في لبنان، وتحديدا في مدينته طرابلس التي يستحضرها في كل مناسبة، "إنها جزء أصيل من سيرورتي"، يدمجها في مشروعه المستمر حول الوعي بالوجود، وهويته اللبنانية التي يحيلها إلى نوع من الانتماء الجريح.
قوة السرد القصصي
يرى الحريري أن رسوماته تنشئ عوالم غرائبية، لكنها لا تسعى إلى إنكار الواقع. بل هي فعل تَداوٍ مما يستنزف القلب ويثقل الروح، "فائض الواقعية يؤذي الإنسان، مع كل ما يحيط به ويتغلغل فيه، فيكدس المشاعر والصدمات".
يعرف نفسه من خلال أدواته وموضوعه المركزي: "أنا رسام رقمي، ومناصر للصحة النفسية. أدمج الأدوات السمعية والبصرية لأحبك صورا عن مسألة الهوية والنفس البشرية".