شهدت كوريا الجنوبية في ديسمبر/كانون الأول 2024 أزمة دستورية حادة عقب إعلان الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في البلاد وما يستتبع ذلك من آثار، أخصها حظر جميع الأنشطة السياسية، وتعليق جلسات الجمعية الوطنية الكورية (البرلمان الكوري)، وتقييد حرية الصحافة، واستدعاء الجيش للتعامل مع ما سماه "التهديدات للأمن الوطني". وما لبث أن تراجع عن ذلك القرار ورفع الأحكام العرفية بعد عدة ساعات من إعلانها، متسبباً في حالة من عدم الاستقرار السياسي والمجتمعي، وإثارة موجة من الصدمة وردود الفعل العنيفة على الصعيدين المحلي والدولي. كما تصاعدت التوترات بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وبالتبعية تصاعدت المخاوف من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زعزعة استقرار شرق القارة الآسيوية، وتعريض المكتسبات التي تم تحقيقها في واحدة من أبرز الديمقراطيات الآسيوية على مدى العقود الأخيرة للخطر.
خلفيات وتفاصيل الأزمة
تعود جذور الأزمة الحالية إلى وصول الرئيس يون سوك يول للسلطة عام 2022، وهو المنتمي إلى حزب "قوة الشعب" المحافظ، والذي يواجه تحديات كبيرة من أحزاب المعارضة الليبرالية في البرلمان (التي يقودها الحزب الديمقراطي). حيث شهدت الانتخابات الرئاسية أضيق هامش فوز منذ انتهاء الحكم العسكري في الثمانينات. وقد تراجع نفوذ الرئيس السياسي بشكل ملحوظ بعد خسارة حزبه الانتخابات البرلمانية في أبريل/نيسان 2024، بعد هيمنة أحزاب المعارضة على البرلمان. وخلال هذه الفترة تصاعد التوتر بين الأحزاب بسبب قضايا الأمن الوطني والعلاقة مع كوريا الشمالية. إذ اتهم الرئيس أحزاب المعارضة بتعطيل تمرير الميزانية العامة والتعاطف مع كوريا الشمالية وممارسة أنشطة معادية للدولة، كما وصف هذه الأحزاب بالمنظمات الإجرامية التي تعمل مع كوريا الشمالية والشيوعيين على تدمير البلاد.