صيدنايا- كشفت جوانب التعذيب والحقائق الصادمة وظروف الاعتقال الرهيبة بحق السوريين في سجون كان يديرها نظام الأسد المخلوع وفي مقدمتها سجن صيدنايا أو كما يعرف بـ"المسلخ البشري" بريف دمشق، (بعد تحريره وتحرير من بقي فيه حياً من المعتقلين على أيدي فصائل المعارضة)، عن حجم الجحيم وأساليب التعذيب التي كانت تمارس على المعتقلين. وقد تأخذ من يعاين تفاصيله عن قرب، إلى الشعور بالخوف والرعب، بالرغم من سقوط وهروب من كان يديرها.
وجهة الآلاف يوميا
مئات السوريين وبشكل يومي يتوافدون إلى سجن صيدنايا منذ سقوط النظام السوري، بحثاً عن أبنائهم المعتقلين ومعرفة مصيرهم، بالرغم من إعلان فرق الطوارئ والإنقاذ والدفاع المدني السوري، انتهاء عمليات البحث عن معتقلين ناجين أو معتقلين لا يزالون على قيد الحياة في سجون سرية، بالرغم من بث الشائعات عن وجود سراديب وزنازين سرية تحت الأرض.
مشاهد الدماء على جدران الزنازين، والظلام الدامس في "المنفردات"، وبخاصة تحت الأرض، وأدوات تعذيب المعتقلين "المكبس والشباحة والكلاليب" في أقسامه المنتشرة في طبقاته الخمس (اثنتان منها تحت الأرض و4 فوقها)، وسماكة أبوابه وأقفالها الضخمة، وانعدام مقومات الحياة بشكل شبه نهائي، كلها تصيب ذوي المعتقلين ومن يرافقهم بالصدمة الكبيرة ويتسلل إلى قلوبهم الخوف من أن يكونوا قد فارقوا الحياة تحت هذه الوسائل المرعبة للتعذيب.
"المجلة" وصلت إلى موقع سجن صيدنايا الذي يبعد 30 كيلومتراً شمال العاصمة السورية دمشق، وجالت داخل أروقته وزنازينه المرعبة وسراديبه وغرفه المظلمة تحت الأرض والتي لا تتجاوز مساحتها 1.5 متر مربع، ولا ترى نور الشمس، فضلاً عن الروائح النتنة والرطوبة العالية.
يتجول سوريون هناك بحثا بين زوايا الزنازين عن أي علامة قد تقودهم إلى معرفة حقيقة مصير أبنائهم الذين اعتقلهم النظام منذ سنوات عديدة، بينما آخرون يقفون بصمت أمام هذه المشاهد، وعدد منهم يجمع الأوراق التي دونت عليها أسماء آلاف المعتقلين ويفتش عن أسماء أقاربه.
وعند الطابق الثاني الذي يضم نحو مئتي زنزانة جماعية وعشرات الغرف للتعذيب، صادفت "المجلة" أباً سورياً يبلغ من العمر 70 عاماً تقريباً، من محافظة دير الزور شرقي سوريا، فقد اثنين من أولاده في هذا المعتقل، ويفتش بين أغراض لمعتقلين سابقين، تركوها تتحدث عن مصيرهم المجهول، لعله يعثر على شيء لولديه ويرى بصيص أمل.