ترفع سوريا اليوم علمها الجديد، علم الاستقلال الذي هو نفسه علم المعارضة السورية منذ سنة 2011. لنطلق عليه اسم "علم الاستقلال" ولكن الأصح، وللأمانة التاريخية، هو "علم الجمهورية" لأنه أقر في مطلع عهد الجمهورية. رُفع هذا العلم مؤخّراً في الميادين وبعض الدوائر الحكومية والسفارات، ولكنه لم يصدر بمرسوم حتى الآن وهو الذي أُقرّ بالأساس سنة 1932.
ظلّ هذا العلم موجوداً حتى وصول حزب "البعث" إلى السلطة، حيث قام أنصاره بإنزال العلم من سنة 1963 ولغاية سقوط نظام بشار الأسد سنة 2024. وفي مطلع الثورة السورية، ابتكر الإعلام الحكومي رواية مختلقة تقول إن هذا العلم– علم الاستقلال أو علم المعارضة– كان "علم المفوض السامي" في مرحلة الانتداب الفرنسي. أطلقوا عليه ظلماً اسم "علم الانتداب" وقالوا إن نجماته الثلاث ترمز إلى ثلاث دويلات طائفية أقيمت في عهد الانتداب، تريد المعارضة استنهاضها من جديد: الدولة العلوية والدولة الدرزية والدولة السنية. علماً أنه لم يكن هناك دول مخصصة للسنة في عهد فرنسا. ووصفوه بعلم "العمالة للاستعمار" لكونه وضع في زمن الانتداب.
وكان جوابنا: "وكذلك النشيد السوري وضع أيضاً في زمن الانتداب. لم يتغيّر من يومها. هل نقول عنه إنه نشيد الانتداب؟". لا أحد منهم كان يجيب، نظراً لجهلهم التام بتاريخ سوريا قبل سنة 1970، ولكن على كل السوريين اليوم أن يعرفوا قصة علمهم الجديد ودلالاته التاريخية.
علم الاستقلال
أقرّ هذا العلم يوم انتخاب محمد علي بك العابد رئيساً للجمهورية سنة 1932، وفيه ثلاثة أقسام متوازية: الأخضر، والأبيض، والأسود، يتوسّطها"ثلاثة كواكب حمراء ذات خمسة أشعة"، حسب ما جاء في المادة الرابعة من دستور عام 1928. وكانت الكواكب الثلاثة ترمز– بحسب الاجتهاد وليس النص- إلى ثلاث ثورات ضد الانتداب الفرنسي: ثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو، والثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، مع اختلاف في النجمة الثالثة بين من يقول إنها نسبة لثورة أنطاكيا بقيادة صبحي بركات، أو ثورة الساحل بقيادة الشيخ صالح العلي. في كل الحالات كانت النجوم الثلاث، أو الكواكب، ترمز إلى الوحدة الوطنية وليس إلى التفرقة كما قال الإعلام السوري سنة 2011. أما عن ألوان العلم فكانت مأخوذة من ألوان علم الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين: الأخضر نسبة للخلفاء الراشدين، والأبيض للدولة الأموية، والأسود للدولة العباسية.