يوميات ومذكرات وثّقت تجربة الاعتقال في سجون نظام الأسدhttps://www.majalla.com/node/323447/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AB%D9%91%D9%82%D8%AA-%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D8%AC%D9%88%D9%86-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF
أكثر من نصف قرنِ من الزمان عاشها الشعب السوري تحت وطأة نظام عائلة الأسد الاستبدادي، الذي اتسم بقمع الأصوات المعارضة أو المطالبة بأقل قدر من الحقوق، سواء في المشاركة في الحياة السياسية أو حتى المطالبة بحياة عادلة وكريمة. منذ البداية واجه النظام مطالب الشعب بالحديد والنار فكانت المذابح الجماعية والقتل المباشر لكل المعارضين، وفتح النظام السوري السجون والمعتقلات في مسعى لوأد كل محاولة للتغيير في مهدها، ورغم كل ذلك استمرت محاولات الشعب أفرادا وجماعات بشتى الطرق والوسائل لكسر ذلك النطاق وتحطيم تلك القيود، ولجأ الكثير من الكتّاب إلى التعبير عمّا عاشوه وقاسوه في معتقلات ذلك النظام، سواء ساعدهم القدر ففروا إلى المنافي، أو استطاعوا أن يبقوا مراقبين لما يحدث في الداخل بين الخوف والحذر والقلق، وهكذا سطروا بين هذا وذاك العديد من المذكرات والحكايات والروايات التي تبقى شاهدة على وحشية ذلك النظام وفساده وقسوته.
في مقالٍ له بعنوان "السجن ساحة حرب دائمة"، يتحدث المفكر السوري برهان غليون عن سجون النظام السوري فيقول: "لم تكن المعتقلات، ولا كان الاعتقال، نشاطا جانبيا أو ثانويا في نظام السلطة الأسدية هذه. لقد كان أحد الأركان الأساسية للحكم، إن لم يكن وسيلته الرئيسة. كانت المعتقلات خلال أربعة عقود المختبر الحقيقي لممارسة هذا العنف المنفلت أو المفرط واختباره وتطوير كوادره وأساليبه وأدواته. وعمل خلال عقود طويلة من حكم الأسد بمثابة ساحةٍ لحربٍ محدودة في المكان،.. وهكذا أمكن للنظام تجريد الشعب من حقوقه السياسية والمدنية، والقضاء بصمتٍ على عشرات ألوف المعارضين أو المشتبه بمعارضتهم، وقطع رأس المجتمع المدني ووأده حيا. وكان لوجود المعتقلات في كل مكان الدور الأول في ضبط توازن السلطة القائمة على قوة الإرهاب، وبناء علاقة العبد والسيد بين الحاكمين والشعب، ومن ثم ضمان الإذعان والاستسلام الكامل والانصياع لإرادة الحاكم/ الرب".
"رائحة الخطو الثقيل" لإبراهيم صموئيل
لعل مجموعة القاص السوري إبراهيم صموئيل من أوائل الكتابات التي اهتمت برصد تجربة السجون السورية، صدرت عام 1988 وقدّم لها الشاعر ممدوح عدوان، وتنوعت قصص المجموعة بين حكايات المعتقلين وما يدور فيها من مفارقات، ولعل أكثر ما يميز كتابة إبراهيم صموئيل في هذه القصص إخلاصه للجانب الأدبي بعيدا من الخطابية أو التقريرية في عرض الحكايات وتناولها، إذ تبرز لديه المواقف الشاعرية والقدرة على رصدها ببساطة وتكثيف شديدين. في قصة "الزيارة" كل ما يشغل المعتقل هو اللحظة التي سيرى فيها ابنه الذي ولد وهو في المعتقل، يتلاشى كل ما حوله ويظل مشغولا بالولد الصغير الذي يحمل اسم خلدون حتى أنه ينسى بسببه أن يرد على زوجته، وفي قصة "المقبرة" يسعى السجين للهرب من غرفته الضيقة لكي يلتقي محبوبته فلا يجد مكانا سوى "المقبرة"، ويرسم ببلاغة تلك المواجهة بين الحياة المحفوفة بالأخطار في الخارج وبين الأمن في المقبرة الموحشة بين الأموات.
تبدو الحكايات عند صموئيل معتادة، ويحكيها ببساطة. حتى في أكثر الحكايات غرابة مثل "الذي لم يعد أبا"، يسرد بصورة اعتيادية طريقة دهم قوات الأمن للأب وطريقة اعتقاله، وكيف أصبح الأب مجرد صورة معلقة على حائط المنزل يعرفها الابن ويتحدث معها دون أن يعرف لأبيه وجودا غيرها. هكذا يصنع الكاتب المفارقة ويتسرب الألم والقهر ولا شك الى القارئ من بين تلك التفاصيل.
أكثر ما يميز كتابة إبراهيم صموئيل في هذه القصص إخلاصه للجانب الأدبي بعيدا من الخطابية أو التقريرية في عرض حكايات المعتقلين وتناولها
"القوقعة" لمصطفى خليفة
بينما تمتلئ صفحات الأخبار هذه الأيام بقصص سجن صيدنايا ومحاولات إخراج المعتقلين فيه، تعود الى الأذهان على الفور رواية "القوقعة" لمصطفى خليفة التي تعد واحدة من أشهر روايات أدب السجون، وهي التي عرّفت الكثير من القرّاء ببشاعة النظام السوري وسجونه، والتي تتحدث عن تجربة البطل المسيحي الذي يدرس الإخراج السينمائي في الخارج ويعود إلى سوريا ليفاجأ باعتقاله على أيدي المخابرات وإيداعه مع المعارضين من "الإخوان المسلمين" سجن تدمر الصحراوي، حيث يقضي خمسة عشر عاما يراقب فيها ما يحدث للسجناء هناك، ويروي شهادته المؤلمة عن الانتهاكات الإنسانية وأساليب التعذيب الوحشية التي يمارسها الضباط على المسجونين هناك، وهكذا رغم أنه لم يكن مقدرا له أن يعيش بين المساجين، شاهدا لم يرتكب أي ذنب أو خطئية، إلا أن أحدا وشى به لمخابرات النظام، وفوجئ أن في استطاعته أن يكون صوت من لا صوت له، ويوثق بأذنيه وعينيه ما يراه ويسمعه داخل تلك القوقعة التي عاش فيها كل تلك الفترة، وكيف كانت حياة هؤلاء السجناء الذين جمعهم القهر والإذلال والتعذيب، وأنشأ بينهم علاقة قوية وصداقة حقيقية جعلتاهم يتعاونون معا في كل أمور الحياة بدءا بالأكل والشرب حتى إجراء العمليات الجراحية بأبسط الوسائل.
ترجمت رواية مصطفى خليفة الى أكثر من لغة، وكتب بعدها رواية أخرى، "رقصة القبور"، توثق حكايات أخرى عن المسجونين والمعذبين في سجون النظام السوري القمعي، وذكر في لقاءات تلفزيونية أن ما سجله ووثقه في هذه الروايات رغم فظاعتها ليس شيئا يذكر وسط ما يجده المعتقلون من صنوف التعذيب والقهر والإهانة داخل هذه السجون.
تعدّ "القوقعة" من أشهر روايات أدب السجون، وهي التي عرّفت الكثير من القرّاء ببشاعة النظام السوري وسجونه
"بالخلاص يا شباب" لياسين الحاج صالح
ستة عشر عاما قضاها ياسين الحاج في سجون النظام السوري، مذ كان طالبا في كلية الطب حيث أودع سجن حلب المركزي ومنه إلى معتقل عدرا في دمشق بتهمة الانتماء إلى حزبٍ معارض. عرض عليه أن يصبح مخبرا يكتب التقارير عن زملائه لكنه رفض ليذهب إلى جحيم سجن تدمر ويقضي فيه أسوأ فترة عقوبة لسجين سياسي. يحكي ياسين في الفصل الأول من الكتاب طرفا من حكاية سجنه وانتقالاته بين السجون، لكنه يتوقف بعد ذلك للحديث عن فلسفة السجن وطريقة تعامل السوريين والمساجين معه، فهو يرى أن السجن في سوريا تحوّل إلى نمط حياة حتى لو كان إجباريا ويجب الاستفادة منه ودراسته، لذا يتوقف عند طريقة تعامل المسجونين، وكيف يمكن الاستفادة من الوقت المهدور فيه، كل ذلك بالطبع بعيدا من فترات التعذيب أو القهر والإذلال.
وضع ياسين الحاج كتابه بعد انطلاق الثورة السورية ونشر في 2011، في وقت لم تكن قد انتشرت فيه الكتابات والشهادات التي وثّقت المآسي في سجون سوريا في الفترة السابقة، من الثمانينات حتى ذلك الوقت، لذا كان ينادي بضرورة الكتابة وأهمية توثيق تلك التجربة رغم ما فيها من قسوة وألم، وكيف يمكن أن يروّض المسجونون هذا السجن باعتباره وحشا لا يمكن معايشته إلا بذلك الترويض، فيتحدث عن طرق نسيان السجن وقتل الوقت بعدد من الوسائل الفعالة التي تعد القراءة أشهرها، ويختلف الأمر باختلاف السجناء وطبيعة التعامل معهم سواء شيوعيين أو إسلاميين، وغير ذلك، كما يتوقف عند الزيارات ومحاولات جعلها فرصة لكسر حالة السجن الخانقة.
كل ذلك، كما يحكي ياسين الحاج صالح، لا يتوفر لسجن تدمر الذي يصفه بأنه "العار السوري الذي لا يمحى" حيث تمنع فيه كل ممارسات الحياة الطبيعية وتُمارس على السجين شتى صنوف القهر والإذلال فقط، ثم ينتقل في الفصول التالية للحديث عن سجن حلب المركزي وتفاصيل حياة المساجين فيه وكيف يضعونهم 27 سجينا في غرفة واحدة تتسع لسبعة أفراد بالكاد، وكانت الكلمة التي يتناقلونها بعد كل وجبة طعام "بالخلاص يا شباب، أو بالحرية"، ذلك الخلاص الذي لم ينالوه إلا بعد سنواتٍ من الحروب والدمار.
يرى ياسين الحاج صالح أن السجن في سوريا تحوّل إلى نمط حياة حتى لو كان إجباريا ويجب الاستفادة منه ودراسته
"خيانات اللغة والصمت" لفرج بيرقدار
يختلف الأمر مع كتاب الشاعر السوري فرج بيرقدار، حيث يفكّر أكثر من مرة في ما يمكن كتابته عن تجربة اعتقاله الأليمة لدى المخابرات السورية. دخل السجن في عهد حافظ الأسد عام 1987 وبعد ست سنوات حكم عليه بخمسة عشر عاما قضاها في أقسى سجون سوريا، تدمر الصحراوي وصيدانيا العسكري. في كتابه رسائل متفرقة موجهة إلى أصدقائه القراء يحكي لهم فيها كيف جاءت فكرة كتابة وتوثيق هذه المذكرات بعدما كان يكتب الشعر ويحفظه بينه وبين أصدقائه حتى لا يضيع، حتى توفرت لهم الأقلام والأوراق فبدأ يدوّن مذكراته دون أسماء حتى لا يورط أحدا معه، وكيف ساهمت الحملة الدولية التي أطلقها نشطاء من فرنسا في تخفيف تجربة السجن عليه. يتحدث عن بداية علاقته بالشعر وكيف شكّل لديه رؤية العالم، وتبدو كتابة مذكراته بمثابة قصيدة شعرية متناثرة تمتلئ بالأسئلة الوجودية حول قيمة الحياة والموت، حول الكتابة وجدواها ووقتها، هل تعبّر بالفعل عمنا يشعر به الناس وهل تصف الآلام بصدق أم أنها مجرد مسكنات عابرة.
تتحوّل تجربة السجن والتعذيب والقهر عند فرج بيرقدار إلى صور شعرية تمزج بين المأسوي والمتخيل، لكنها تصل بالقارئ في النهاية إلى النتيجة نفسها: جسدٌ معذب وروح مجهدة لا تجد منفذا للخلاص، بل تتحدث عن وسائل التعذيب المختلفة بدءا بالجلد بالسياط إلى الصعق بالكهرباء إلى الخراطيم التي تنفذ إلى داخل الجسم إلى الكراسي المقلوبة وغيرها من أساليب ووسائل، ويشعر في كل مرة أن الكلمات لا تعبر عن قسوة التجربة وحدة الألم، ينتقل بين لقطات شعرية ومقاطع نثرية وقصصية وسرد لبعض تفاصيل السجن والحوارات التي تدور بين السجين وسجانه وكيف كان القهر موزعا بالضرب والكلام وطريقة التعامل. وبين هذا وذاك كيف كان المعتقلون يتصرفون لا سيما من أصبحوا أصدقاء لكي يتغلبوا على قسوة السجن والواقع المحيط بهم، سواء من خلال الإضرابات أو محاولات تسريب الكتب وغير ذلك من وسائل حتى تنتهي فترة السجن الطويلة التي تبدو لا نهائية.
تتحوّل تجربة السجن عند فرج بيرقدار إلى صور شعرية تمزج بين المأساوي والمتخيل، لكنها تصل بالقارئ إلى النتيجة نفسها: جسدٌ معذب وروح مجهدة لا تجد منفذا للخلاص
"خمس دقائق وحسب" لهبة الدباغ
ربما تكون شهادة هبة الدباغ واحدة من أشهر الشهادات التي وثقت ما لاقته المرأة السورية في سجون الأسد من تعذيب وتنكيل. نجت هبة الدباغ من مجرزة حماة المروعة عام 1982 لتكون إحدى ضحايا الاعتقال في العام نفسه، قال لها رجل المخابرات خمس دقائق وتعودين الى منزلك، فإذا بالدقائق تتحول الى تسع سنوات شهدت خلالها أقسى تجربة سجن وكانت شاهدة على عدد من قصص وحكايات تعذيب النساء داخل السجون السورية، ويصادف أن تكون أمها ضمن المسجونات في واحد من السجون التي نقلت إليها.
تصف الدباغ في يومياتها حياتها في السجن، وقائمة الاتهامات التي ألصقت بها، ومنها الانتماء الى جماعة "الإخوان المسلمين" التي لم تكن تعرف عنهم شيئا في ذلك الوقت، لكنها تعرفت الى الكثيرين منهم في السجن ووصفت بالتفصيل حياتها في السجن وحياة السجينات الأخريات، وكيف قامت بينهن صداقة وطد القهر عراها، رغم اختلاف عقائدهن وأفكارهن، وكيف كانن يتعاونّ للضغط على السجانين من أجل تلبية طلباتهن، سواء بالإضراب عن الطعام أو بدفع الأذى عن الأضعف حالا من قسوة زبانية السجن. تنقلت هبة مع عدد من رفيقاتها إلى أكثر من سجن، وشهدت الكثير من المواقف والأحداث في مختلف السجون وأصناف التعذيب التي يلاقيها المساجين في كل منها، ورأت أن من واجبها أن توثق كل ذلك.
أفرج عن هبة عام 1989 لكنها لم تجد أحدا من أفراد أسرتها في انتظارها، حيث عرفت أنهم قتلوا جميعا في مجزرة حماة. وبقيت محتفظة بكل مشاهداتها في السجون نحو ستة أعوام حتى نشرتها في كتاب "خمس دقائق وحسب" عام 1995.
تنقلت هبة مع عدد من رفيقاتها إلى أكثر من سجن، وشهدت الكثير من المواقف والأحداث في مختلف السجون وأصناف التعذيب التي يلاقيها المساجين
"نجمة الصبح" لرغدة حسن
كانت رغدة حسن من اللواتي والذين آمنوا بالثورة والتغيير، اعتقلت لمدة عامين في عهد حافظ الأسد، ولمّا قامت الثورة في 2011 قررت أن توثق تجربة الاعتقال في روايتها "الأنبياء الجدد"، لكن الرواية لم تنشر وعاد النظام لاعتقالها مرة أخرى، حتى طالبت منظمة العفو الدولية بالإفراج عنها. كتبت روايتها الأخرى "نجمة الصباح" التي تدور حكايتها حول قصة حب بين معتقل ومعتقلة في سجون نظام الأسد، يذكر المتابعون أنها تتشابه مع قصتها وزوجها المعتقل الفلسطيني أمير داود. في الرواية نتعرف الى فرح، ابنة الطائفة العلوية التي تعيش مع أسرتها حياة هادئة حتى تكبر وتلتحق بالجامعة فيتفتح وعيها أمام القوى الوطنية المختلفة، وتنخرط في تنظيمات المعارضين من شباب الثورة وسرعان ما تعتقل بتهمة الانتماء الى حزب العمل الشيوعي، وفي السجن تعاني من قسوة التعذيب وتصف ما يصيب المعتقلين السياسيين من قهر وإذلال داخل السجون، حتى تتعرف في السجن الى معتقل فلسطيني آخر وتنشأ بينهما قصة حب، ويتمكنان بعد انتهاء مدة العقوبة من الزواج والسفر إلى لبنان ثم إلى فرنسا ومواصلة النضال وفضح خطط النظام السوري من هناك، وتكون سعادتهما الكبرى حينما تقوم الثورة السورية في 2011، ويبدأ حلم التخلص من نظام الأسد.
تم تحويل قصة رواية "نجمة الصبح" لفيلم قصير من إخراج البريطاني شون مكاليستر بعنوان "قصة حب سورية" من انتاج شبكة bbc البريطانية، وحصل الفيلم على عدد من الجوائز العالمية، استطاعت رغدة حسن أن تهرب من سوريا وتقيم فترة في فرنسا ولم يحالفها القدر حتى ترى نهاية قصتها وزوال نظام الأسد حيث أصيبت بالسرطان هناك وماتت بعد صراع مع المرض في الغربة.
تعاني فرح من قسوة التعذيب وتصف ما يصيب المعتقلين السياسيين من قهر وإذلال داخل السجون، حتى تتعرف في السجن الى معتقل فلسطيني آخر وتنشأ بينهما قصة حب
"حجر الذاكرة" لبسّام يوسف
على طريقة اليوميات يحكي بسام يوسف تجربته الخاصة في السجن، ويذكر أن السجون السورية تختلف عن كل سجون العالم، حيث أنها بدون مدة زمنية محددة، كما أن السجين فيها مستباح تماما بشتى وسائل التعذيب التي تضعه في مواجهة يومية مع الموت، مما يجعله في علاقة خاصة بين الموت والحياة، وكيف يعيش بين زملائه في حالة من الدفء والتعاطف، الى درجة يشعر بالكثير من الحنين الى تلك الفترة رغم ما قاسوه فيها من آلام وتعذيب.
يتأمل بسام يوسف علاقة السوريين بالسجن منذ تولي حافظ الأسد حكم سوريا، وكيف انقسمت حياة السوريين بين مواطنين داخل السجن وآخرين ينتظرونهم في الخارج
بطريقة أخرى يتأمل بسام يوسف علاقة السوريين بالسجن منذ تولي حافظ الأسد حكم سوريا، وكيف انقسمت حياة السوريين بين مواطنين داخل السجن وآخرين ينتظرونهم في الخارج، وكيف كانت حياة الأمهات في انتظار أبنائهن، ثم يسرد يومياته داخل السجن منذ عام 1987 ويلتقط في كل فصل مشهدا من مشاهد السجن يظهر فيه بعضا مما يقاسيه المعتقلون من آلام وتعذيب، حتى أخلي سبيله فجأة عام 1997 بعد عشرة أعوام.
يخرج من سجن صيدنايا العسكري وهو يعلم أنه لم يتحرر تماما، فسيبقى رهن الاعتقال في أي لحظة وتحت المراقبة طوال الوقت، فيقفز بنا زمنيا من لحظة خروجه من السجن الى استقراره أخيرا في السويد عام 2014 ويبدو أثر تلك السنوات فادحا عليه حتى الآن.