لقد رأيتُ منذ سنوات أن استمرار المقاومة لنظام بشار الأسد كانت حتمية الظهور، بل وكتبتُ أن ذلك قد يشمل ثورة جديدة، حتى لو قام هذا النظام بتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق. ومع ذلك، جاءت أحداث 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مفاجأة كاملة أذهلت الجميع، مع الهجمات الدراماتيكية والانتصارات التي حققتها "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة العسكرية التابعة لـ"الجيش الوطني السوري" في حلب، ثم في مناطق أخرى جنوبا.
ففي غضون أكثر من أسبوع بقليل، أُطيح بنظام الأسد بشكل مذهل في دمشق يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، ليُسدل الستار على أكثر من 61 عاما من حكم "البعث". كانت سرعة هذا الانهيار صادمة بشكل خاص، ليس فقط لأنها تحدّت التوقعات بحدوث مقاومة شرسة وسفك للدماء، بل أيضا لأن النظام انهار كبيت من ورق، وسقط كتفاحة ناضجة، بل متعفنة، من الشجرة. ويبدو أن الرئيس ونخبته الحاكمة قد خلصوا إلى قرار بأن الفرار بأرواحهم من دمشق كان أفضل من استمرار حرب دموية بلا آفاق مستقبلية إيجابية.
بعد حرب أهلية استمرت 13 عاما، باتت البلاد في حالة خراب، وشعبها يعاني من الفقر الشديد، دون أي آفاق سوى البؤس والفساد والقمع. ومع سقوط النظام، قد يتغير هذا الوضع جذريا، رغم وجود الكثير من العقبات الخطيرة التي يجب التغلب عليها.
ويملك الحكام الجدد ومؤيدوهم فرصة ذهبية للمساهمة في بناء "سوريا جديدة" أفضل بكثير. لكن يبقى السؤال: هل هم قادرون ومستعدون للقيام بذلك؟ يحتاج الأمر إلى الكثير من الحكمة والتنازلات، كما أنهم بحاجة إلى دعم أنصارهم على الرغم من الضغائن المفهومة لديهم.