يشكل رحيل بشار الأسد عن دمشق والنهاية الواضحة لنظامه انتكاسة كبرى للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك إضعاف إسرائيل للدفاعات الجوية الإيرانية، وهزيمة "حزب الله" في لبنان، والاستياء الذي يشعر به الإيرانيون منذ أمد بعيد من كفاءة من يتولون قيادتهم، والعودة الوشيكة لدونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فمن المنطقي تماما أن يخشى القادة في طهران من أن يكون مصيرهم مماثلا لمصير عميلهم السوري.
أجرى كاتب هذا المقال، قبل أكثر من 13 عاما بقليل، حوارا مع بشار الأسد تركز على ما هو مطلوب من سوريا لاستعادة الأراضي التي خسرتها أمام إسرائيل في يونيو/حزيران 1967، وخاصة مرتفعات الجولان. وفي إطار الوساطة التي اكتسبت قوة في خريف عام 2010، لعقد اتفاقية سلام بين البلدين، أبدت إسرائيل استعدادها للتخلي عن الأراضي السورية المحتلة شريطة أن تنهي سوريا علاقاتها العسكرية مع إيران و"حزب الله" و"حماس".
لقد أخبرني الأسد حينها- في 28 فبراير/شباط 2011- أنه سيفعل ما هو متوقع منه. وأكد لي أن إيران و"حزب الله" سوف يتنازلان عن مصالحهما مقابل مصالح سوريا، فتوافقان على إنهاء العلاقات العسكرية مع سوريا إذا توصلت إلى معاهدة سلام مع إسرائيل. ولقد ساورتني بعض الشكوك، ولكن الأسد أصر على أن إيران سوف تتنازل عن علاقتها العسكرية، وأن "حزب الله" سوف يصبح حزبا سياسيا لبنانيا حالما انضم لبنان إلى سوريا في صنع السلام مع إسرائيل. والواقع أن الأسد أكد لي أيضا أن "مزارع شبعا" منطقة سورية، مقوضا بذلك الأساس المنطقي لـ"المقاومة اللبنانية".