وُلدت إستيلا قايتانو في الخرطوم لوالدين تعود أصولهما لجنوب السودان الذي أصبح دولة مستقلة عام 2011. ولأنها تعلمت العربية وأكملت دراستها الجامعية بها أيضا، كتبت نصوصها بالعربية. بدأت تجربتها في الكتابة بمجموعتين قصصيتين هما "زهور ذابلة" (2004) و"العودة" (2014)، قبل أن تنشر روايتها الأولى "أرواح إدّو" (2019) التي نالت ترجمتها الإنكليزية جائزة "القلم" البريطانية، وبفضلها بات اسمها معروفا أكثر، وخصوصا خارج السودان.
في أحداث وعوالم نصوصها السردية، تمزج قايتانو تفاصيل عدة من البيئة السودانية المتداخلة مع عالم أفريقي غارق في غرائبيته وحكاياته الشفوية وأساطيره وأنماط عيشه، بينما تعيش الشخصيات انقسامات الهوية والتمييز على خلفية الصراعات والحروب التي دارت، ولا تزال تدور، في السودان.
تعيش قايتانو حاليا في ألمانيا، وقد صدرت لها حديثا رواية ثانية بعنوان "إيريم"، ونُشرت مختارات من قصصها مترجمة إلى الألمانية. هنا حوار حول تجربتها وحول المشهد الأدبي في جنوب السودان.
* لنبدأ من فكرة أنك كاتبة من جنوب السودان، وتكتبين باللغة العربية. ماذا يعني لك ذلك؟
- قبل أن تظهر كتابات لكتاب جنوبيين يكتبون بالعربية، درج حتى أخوتنا السودانيون في شمال البلاد ووسطها على الاكتفاء بأن الكتاب الجنوبيين يكتبون باللغة الإنكليزية، وإذا اهتم أحد بكتاباتهم فعليه قراءتها بالإنكليزية أو مترجمة. ولم تكن الترجمة نشطة، لذا لم يكن هناك انتشار لكل المكتوب بلغة أخرى غير العربية. بقيت تلك الكتابات متداولة بين النخب الثقافية التي تجيد الانكليزية، سواء في الجنوب أو في الشمال. الكتاب الجنوبيون في ذلك الوقت كانوا تلقوا تعليمهم باللغة الإنكليزية في جنوب السودان، وواصل كثيرون تعليمهم في دول المهجر واللجوء سواء في الجوار الأفريقي او في دول العالم الأول. وهكذا أصبحت الإنكليزية هي اللغة الثانية المكتسبة التي استخدموها في السرد والصحافة والشعر، وكانت لكل منهم لغة محلية أفريقية تعتبر اللغة الأم. بالنسبة إليّ أو الى جيلي إذا صح التعبير، حدث أمرٌ مماثل، لكنه تمثل هذه المرة في النزوح الكبير لكثير من المواطنين الجنوبيين قبل الحرب الأهلية وأثناءها إلى شمال السودان. نزح والداي من الجنوب، وصادف أنني وأخوتي ولدنا وترعرعنا في الخرطوم، وتلقينا التعليم باللغة العربية، واكتسبتها كلغة للتعبير. في كلتا الحالتين كانت هناك لغة أمّ نتحدث بها مع أهلنا وأقاربنا وتختلف من مجموعة أثنية إلى أخرى.