يمكننا القول إن كل الدول الأجنبية التي شاركت في جنازة حافظ الأسد سنة 2000 كانت تبارك في الوقت نفسه توريث ابنه بشار الأسد، ولو أن ذلك جاء بشكل غير مباشر. حضر الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي كان أول رئيس دولة يستقبل بشار في قصر الإليزيه قبل أن يكون رئيساً، وحضرت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت وعُدّت مشاركتها في الجنازة نوعا من المباركة لبشار.
قال البعض إن الرئيس السوري الجديد كان محسوباً على الغرب لكونه قد درس في لندن وتزوج من أسماء الأخرس التي عاشت كل حياتها في إنكلترا. بدأ عهده بزيارة باريس ومن بعدها لندن حيث استقبلته الملكة إليزابيث الثانية، كما قام بسلسلة من الإجراءت الداخلية التي عكست رغبته في الانفتاح على الآخرين والتخلّص من الإرث الاشتراكي.
التراجع عن "سياسات صائبة"
على الصعيد الداخلي، سمح الأسد للرسّام العالمي على فرزات بتأسيس صحيفة "الدومري" سنة 2000، لتكون أول جريدة خاصة منذ مجيء حزب "البعث" إلى الحكم سنة 1963. ثم عاد وأغلقها، ليس لأنها تطاولت عليه أو على مقام الرئاسة بل لأنها نالت من سمعة رئيس الوزراء محمد مصطفى ميرو. كانت رسالته واضحة: النقد ممنوع في سوريا الأسد. ثم سمح بتأسيس الجامعات الخاصة، قبل أن يعود ويقيّد عملها إدارياً ويفرض عليها ضرائب طائلة مع الخنوع التام لسلطة "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" (أحد أجنحة الحزب الحاكم). وكان "ربيع دمشق" سنة 2001، وفيه ظهرت منتديات سياسية وفكرية تدعو إلى "تصحيح النظام" وليس لإسقاطه، ولكن بشار الأسد رد باعتقال كل من نظّمها وحضرها وكتب عنها.