هل تعلم أن عاصمة سوريا كانت– ولفترة قصيرة من القرن العشرين– مدينة حلب وليس دمشق؟
كان ذلك في يونيو/حزيران 1922، بعد سنتين من فرض الانتداب الفرنسي على سوريا وتقسيمها إلى دويلات: دولة دمشق (تضم حمص وحماة). ودولة حلب (تتضمن الحسكة ودير الزور والرقة). ودولة جبل الدروز وعاصمتها السويداء. ودولة جبل العلويين التي تضم مصياف وطرطوس وعاصمتها اللاذقية. وعلى الرغم من اسمها، لم تكن دولة العلويين دولة علوية بالكامل، وفيها بحسب إحصاء سنة 1923 ما لا يقل عن 94 ألف مسلم سني، و34 ألف مسيحي، و5 آلاف إسماعيلي، و101 مواطن علوي.
وقد قررت فرنسا تغيير هذا النمط من الحكم وتأسيس "اتحاد الدول السورية"، الذي يشار إليه أحياناً باسم "دولة الاتحاد" في 28 يونيو 1922. وكان مبنياً على النموذج السويسري، ويجمع بطريقة فيدرالية بين دويلات دمشق وحلب وجبال العلويين.
تفاجأ أهالي دمشق بسماع أن مدينتهم، عاصمة الأمويين، لن تعود عاصمة في "دولة الاتحاد" وعلق الزعيم الوطني فارس الخوري في مذكراته: "يجب تبديل العاصمة لإرضاء الدمشقيين". وقد أسس "الاتحاد" لنظام فيدرالي بين الدويلات الثلاث، في الشؤون المالية والعدلية والطابو والجمارك والأوقاف والبرق والبريد. وبقي لكل دولة الاحتفاظ بمناهجها التعليمية الخاصة وعلمها وطوابعها وسكوك ملكيتها، وإصدار شهادات الميلاد والزواج والوفاة والبيع والشراء. ورسمت حدود لكل دولة على الخرائظ، وطلب من كل واحدة منها تقديم نصف عائداتها المالية إلى بقية الدول، والاحتفاظ بالنصف الثاني لشؤونها الداخلية.