ظهر ذلك جليا منذ تعطيل المؤسسات السياسية اللبنانية، قبل إبقاء منصب رئاسة الجمهورية شاغرا طوال سنتين بين (2016-2014)، لانتخاب ميشال عون رئيسا بإرادة "حزب الله" وحده، وتحت شعاره: "نريد رئيسا يحمي ظهر المقاومة". وهذا ما كرره "الحزب" إياه بعد انتهاء عهد ميشال عون الرئاسي عام 2022. ما يعني أن "المقاومة" شديدة الخوف على "ظهرها"، وربما أكثر من عدوها على الحدود الجنوبية.
وهي منذ عام 2007 اقتصرت أعمالها على الخطابة الانتصارية على إسرائيل في حرب يوليو/تموز 2006، فيما هي تمارس إخضاع الحكومة والجماعات اللبنانية لسلطانها، بقوة السلاح أحيانا وبالتهديد به دائما. ومنذ عام 2012 راحت "مقاومتها" تقتصر على ارتكابها مذابح بحق الشعب السوري، حماية لظهرها منه، ونصرة لنظام سوريا.
أما بعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005، فأرعبت "المقاومة" وجمهورها انتفاضة معظم فئات وجماعات الشعب اللبناني السلمية ضد عمليات الاغتيال السياسي، ومطالبتها بتشكيل محكمة دولية للتحقيق فيها، لأن القضاء، بل أجهزة الدولة والحكم وصولا إلى رئاسة الجمهورية، كان يديرها ضابط في أجهزة أمن النظام السوري.
وما إن جلا جيش النظام السوري عن لبنان، وأُقرّ نظام المحكمة الدولية، حتى أسقط "حزب الله" حكومة فؤاد السنيورة في بيروت. وسرعان ما نقلت "المقاومة" جيشها إلى داخل سوريا منذ عام 2012 لحماية نظامها، وظهرها طبعا، وهي لا تزال تحميه من هناك، وصولا إلى حمايته في العراق واليمن، بقيادة الجنرال الإيراني قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني. وذلك نصرة لميليشيات "الحشد الشعبي" العراقية، وميليشيات جماعة "أنصار الله" الحوثية اليمنية.
ما بين عامي 2006 و2023، كان شغل "المقاومة" الشاغل إذن، حماية ظهرها من بيروت إلى طهران: من شعوب ثائرة على أنظمتها (في لبنان وسوريا). وحماية أنظمة (النظام السوري). ونصرة جماعات وميليشيات مسلحة تمنع وتقوّض قيام دول متماسكة (العراق واليمن).