على مدار الأسبوع الماضي، أصبح مستقبل نظام بشار الأسد موضع تساؤل مباشر. فقد شن تحالف من الفصائل المسلحة هجوما في شمال سوريا، واستولى على نحو 250 مدينة وبلدة وقرية وسيطر على أكثر من ضعفي مساحة الأراضي التي كان يسيطر عليها. ومن بين تلك المدن، كانت حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، وقد سقطت في غضون 24 ساعة، وانهارت خطوط النظام السوري الأمامية الواحدة تلو الأخرى. وسوف تغير هذه التطورات الدراماتيكية قواعد اللعبة، بعد ما يقرب من خمس سنوات من تجميد خطوط السيطرة على الأراضي في جميع أنحاء البلاد.
ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون في ذلك مفاجأة بالكامل. فالأسد لم يعجز فقط عن تحقيق انتصار في حرب بلاده الأهلية، بل إن حكمه كان يضعف منذ بعض الوقت، وبات موقفه أكثر ضعفا من أي وقت مضى.
فعلى مدى سنوات، كان الاعتقاد السائد في سوريا أن الأزمة هناك قد جُمِّدت، وأن الأعمال العدائية باتت من الماضي، وأن نظام الأسد هو المنتصر الحتمي. ونتيجة لذلك، تراجع الاهتمام الدولي، وتوقفت الدبلوماسية الموجهة نحو سوريا تقريبا، وبدأت الحكومات تدريجيا تحول مواردها بعيدا عن السياسات المتعلقة بسوريا نحو تحديات عالمية أخرى. وفي الوقت نفسه، وبينما كانت الأوضاع في سوريا تزداد سوءا، اتخذت الحكومات العربية خطوة لإعادة التواصل الجماعي مع الأسد اعتبارا من عام 2023، ما أدى فعليا إلى تطبيع وضعه في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
أما صناع القرار في الولايات المتحدة، فوجدوا في تولّي الجهات الإقليمية مسؤولية الملف السوري إشارة مشجعة ومصدر ارتياح لهم. وفي الآونة الأخيرة، وبفعل معارضتهم لسياسة الاتحاد الأوروبي الساعية إلى عزل الأسد، واعتقادهم بانتصاره وترسيخ حكمه، انضمت مجموعة من 10 دول أوروبية بقيادة إيطاليا إلى جهود تهدف إلى إعادة التواصل مع نظام الأسد وتقصي سبل دبلوماسية لإعادة اللاجئين إلى سوريا.
كانت جميع هذه التطورات تستند إلى افتراض مفاده أن الأوضاع في سوريا، على الرغم من سوئها، كانت أزمة مجمدة ويمكن احتواؤها، وأن الأسد لم يكن فقط يحافظ على موقعه، بل كان يرسخه أيضا. سوى أن هذا الافتراض كان في غير محله.