الصحافة الإيرانية و"ردع العدوان"... خوف على دمشق وطهران

دعوة لتنظيم استراتيجية جديدة للتصدي لـ"المؤامرة الكبيرة"

أ.ف.ب
أ.ف.ب
ميدان ولي العصر في طهران حيث ترفع لافتة كبيرة عليها صور قادة من "محور المقاومة" سبق أن اغتيلوا، 4 ديسمبر

الصحافة الإيرانية و"ردع العدوان"... خوف على دمشق وطهران

استحوذ هجوم الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، واستمرارها في التقدم باتجاه مناطق أخرى جنوبا، على اهتمام الصحافة الإيرانية، التي تناولته من خلال تقارير إخبارية، وتحليلات ومقالات. فإلى جانب اتهام تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة بدعم الفصائل المسلحة، فقد تطرقت الصحافة الإيرانية إلى سيناريو محتمل للهجوم على دمشق، كما اعتبرت أنّ الهدف التالي في حال سقطت الحكومة السورية سيكون إيران نفسها. وتحدثت أيضا عن احتمال حدوث خيانات في صفوف الجيش السوري في تفسير تراجعه أمام تقدم الفصائل المسلحة. كما دعت "محور المقاومة إلى التدخل بسرعة، مع تنظيم استراتيجية جديدة للتصدي لهذه المؤامرة الكبيرة".

وقد نشرت صحیفة "اطلاعات" مقالا لـ"محمد علي مهتدي" بعنوان "هل سيأتي الدور على إيران بعد سوريا"؟ في عددها الصادر 11 ديسمبر/كانون الأول، حيث يرى كاتب المقال أن "هناك مؤامرة كبيرة ومدروسة من قبل الولايات المتحدة، وإسرائيل، وربما بعض دول المنطقة، بهدف العمل على انهيار محور المقاومة، وإحداث تغييرات جيوسياسية في المنطقة، وإذا نجحت هذه المؤامرة، فإن الجمهورية الإسلامية ستكون الهدف التالي المباشر على القائمة".

أ.ف.ب
وزير الخارجية التركي حقان فيدان ووزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي بعد اجتماعهما في أنقرة، 2 ديسمبر

وأشارت الصحيفة إلى عدة محاور مهمة في هذا الإطار "وهي: 1- هناك ثلاث دول على الأقل، هي الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا تلعب دورا في التطورات الجارية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي يقفز من شجرة إلى أخرى، وها هو يبذل كل جهده لكسر جبهة سوريا بعد غزة ولبنان، حيث إن هدفه قطع طريق الإمداد عن (حزب الله) اللبناني من خلال سوريا. 2- توفير تركيا لخطوط الإمداد والخدمات اللوجستية للفصائل المسلحة... لقد طلب أردوغان عدة مرات في السابق أن يلتقي بشار الأسد، وأن يجري معه مفاوضات، غير أن الأسد رفض ذلك، بسبب أن الجيش التركي يحتل أراضي سورية، فضلا عن أن العمليات التي تشنها تركيا في الوقت الحالي تنتهك اتفاقيات (آستانه). 3- إن إرسال قوات عسكرية من مختلف المناطق إلى حلب خطوة خطيرة، لأنه قد يؤدي إلى تدخل أردني من منطقة درعا، كما أن الولايات المتحدة قد ترسل القوات الكردية المدعومة منها (قسد) في شرق الفرات، للهجوم على دمشق، وقد تلتقي كل هذه القوات إلى جانب مقاتلي (هيئة تحرير الشام) في طريقها لتنفيذ هجوم بري على دمشق".

واعتبرت أنّ التطورات في سوريا، "تأتي في الوقت الذي تهدد فيه إسرائيل العراق باحتواء المقاومة، للحد من هجماتها على إسرائيل، وإذا لم تنجح الحكومة العراقية في ذلك، فستقوم المسيرات الإسرائيلية بشن حملة اغتيالات بحق قادة (الحشد الشعبي) وفصائل المقاومة، على غرار ما جرى مع (حزب الله) في لبنان، ولذلك يجب على محور المقاومة التدخل بسرعة، مع تنظيم استراتيجية جديدة للتصدي لهذه المؤامرة الكبيرة".

يصب هذا الهجوم في صالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وتركيا التي لديها مصالح كثيرة في الوضع الراهن، منها مزاعمها التاريخية وأطماعها حول حلب

وكالة أنباء "تسنيم"

أما وكالة أنباء "تسنيم" التابعة لـ"الحرس الثوري"، فقد ذكرت في تقرير لها بعنوان "تركيا تجازف بتعرضها لـ5 تهديدات، مع استمرارها الرهان على ورقة الإرهاب في سوريا" في 3 ديسمبر/كانون الأول بأن "هناك تكهنات كثيرة حول التوقيت، وكيفية تنفيذ العمليات والقوات المشاركة فيها".
ورأت أنّ "هذا الهجوم يصب في صالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وتركيا التي لديها مصالح كثيرة في الوضع الراهن، منها مزاعمها التاريخية وأطماعها حول حلب (التركية). فإعادة احتلال حلب، من قبل الجماعات المسلحة المعارضة، سيحقق طموحات تركيا. وتعتقد تركيا أن لديها اليد العليا اليوم في تطورات سوريا، لكن عليها أن تأخذ بعين الاعتبار ما يلي: 1- الأزمة في سوريا لن تقتصر على المنطقة فقط، بل ستكون لها تداعيات دولية، وبالتالي فإن تركيا عن قصد أو غير قصد ستلعب في ملعب الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تسعيان إلى إضعاف حكومة بشار الأسد، وزعزعة الثبات في سوريا، وستكون تركيا في مستوى أحد وكلاء أميركا وإسرائيل، وتفقد مكانتها كلاعب مستقل وفاعل في المنطقة. 2- هذه العمليات تأتي في الوقت الذي تحارب فيه جبهة المقاومة إسرائيل والغرب، مما يؤدي إلى إضعاف جبهة المقاومة، بدءا من سوريا و(حزب الله) اللبناني، وصولا للمقاومة الفلسطينية. 3- تجازف تركيا من خلال خروج الإرهابيين من إدلب، وإرسالهم إلى شمال سوريا بـترك المارد يخرج من القمقم، وهذا قد يشكل تهديدا لتركيا لأنها قد تكون في وضع حرج بسبب حدودها الممتدة على 910 كيلومترات مع سوريا. 4- تلعب السياحة دورا كبيرا في الاقتصاد التركي، وإذا قامت مجموعات من هؤلاء المسلحين بتنفيذ مخططات أخرى، وزعزعة الاستقرار في دول الجوار السوري، فستكون تركيا من أكبر المتضررين. 5- يتمتع النظام السوري بعلاقات جيدة مع أكراد المنطقة، فجزء من الشمال السوري يخضع لإدارة كردية بالتنسيق مع حكومة دمشق، التي نجحت في احتواء المسلحين، ومعلوم أن الأكراد لديهم عداء تاريخي مع حكومة تركيا، ولديهم أيضا دوافع كافية لمواجهة الجيش التركي".

تدعو التطورات في سوريا للتأمل، قد تكون خطوة الجيش السوري بالانسحاب السريع، وعدم الدفاع عن السيادة الوطنية، وبدون أية مقاومة في حلب تكتيكا عسكريا أو مؤشرا على وقوع خيانة

جريدة "شرق"

ولفتت جريدة "شرق" في مقال بعنوان "الأزمة في سوريا والسيناريوهات المقبلة" بقلم محمد محمودي كيا، من "مركز دراسات الإمام الخميني والثورة الإسلامية" في عددها الصادر 4 ديسمبر أن: "(هيئة تحرير الشام) والتي تسعى بدورها لإبراز نفسها، تحولت إلى أداة لتنفيذ سياسات زعزعة الثبات، التي يعتمدها بعض اللاعبين الإقليميين والدوليين، وتشير تشكيلة هذه الجماعة بسجلها الإجرامي، إلى وجود مشروع جديد لتغيير النظام الجيوسياسي في غرب وجنوب غربي آسيا". 

رويترز
طالبات إيرانيات يشاركن في تجمع أمام السفارة التركية في طهران، 2 ديسمبر

وتابعت "شرق" "نحن أمام سيناريوهات عدة: الأول استمرار الأزمة بين صفوف الجيش السوري، وسقوط المدن والمناطق الاستراتيجية واحدة تلو الأخرى، مما يشدد الحصار الأمني على الحكومة المركزية، ويؤجج حالة عدم الاستقرار في سوريا، ويؤدي إلى توسيع رقعة الحرب الأهلية، مع حضور جماعات مسلحة أخرى. الثاني: يعتمد على الانسحاب الاستراتيجي للجيش السوري لالتقاط الأنفاس، وإعادة تنظيم صفوفه للحد من استيلاء الجماعات المسلحة على مناطق استراتيجية في شمال غربي وغربي سوريا. الثالث: إعادة الأجواء الأمنية إلى سوريا من خلال مزاعم استفزازية، على غرار استخدام أسلحة الدمار الشامل من قبل الجيش في مواجهة المتمردين، مما يمهد الطريق لتدخل قوات دولية في سوريا، وهذا سيناريو قد يتم اعتماده كأداة ضغط على روسيا وإيران في التطورات في سوريا، خاصة مع بداية عهد دونالد ترمب... وقد تسعى حكومة نتنياهو، إلى إشعال حرب أخرى في أية لحظة، في ظل ظروفها في حرب غزة، وفشلها في لبنان، ولذلك ينبغي على الجمهورية الإسلامية، الإبقاء على الاستعداد لمواجهة المؤامرات الإسرائيلية، ويجب التركيز حاليا على النشاط الدبلوماسي، والدعم العسكري للحكومة المركزية، والجيش العربي السوري بهدف استعادة حلب وباقي المناطق التي خرجت عن سيطرتهما".
واعتبرت "شرق" أن "التطورات في سوريا تدعو للتأمل، فقد تكون خطوة الجيش السوري بالانسحاب السريع، وعدم الدفاع عن السيادة الوطنية، وبدون أية مقاومة في حلب تكتيكا عسكريا أو مؤشرا على وقوع خيانة ما".

الأمور لم تخرج بعد عن سيطرة الجيش السوري كليا، ولكن يجب أن نتوقع زيادة حدة الاشتباكات خلال الأيام القادمة

صحيفة "كيهان"

وفي مقاله بصحيفة "كيهان" بتاريخ 4 ديسمبر بعنوان "بنيامين أردوغان ضد سوريا" شن سعد الله زارعي هجوما لاذعا على الرئيس التركي قائلا: "إن الهجوم على حلب في سوريا طرح تساؤلات عديدة، فالعمليات تجري بواجهة (هيئة تحرير الشام)، ودون معارضي النظام السوري، حتى يؤكدوا أن الهجوم يتم بدعم من طرف أو أطراف خارجية، وهذا ما يؤكده استخدام المسلحين المهاجمين للمسيرات بأنواعها والمدرعات في الهجوم على حلب. ومن الواضح أن الجيش التركي متورط، لأن الحكومة التركية تبنت رسميا خلال مفاوضات (آستانه) خلال الأعوام الماضية مسؤولية (هيئة تحرير الشام). ومن الواضح أيضا دور إسرائيل، التي قالت على لسان مسؤوليها: إن سوريا ستدفع ثمن دعمها لـ(حزب الله)، وبالتالي فإن أنقرة وتل أبيب قامتا بالتخطيط والتمويل والتنفيذ، من خلال استخدام جماعات إرهابية معروفة بهدف استسلام بشار الأسد، أو بالأحرى استسلام سوريا واستسلام المقاومة، أمام المشاريع التوسعية الغربية والصهيونية في سوريا".
وأضافت أنّ "الحقيقة أن الأمور لم تخرج بعد عن سيطرة الجيش السوري كليا، ولكن يجب أن نتوقع زيادة حدة الاشتباكات خلال الأيام القادمة، لأنه سيتم إرسال مزيد من المسلحين المدعومين من الحكومة التركية إلى المنطقة".

font change

مقالات ذات صلة