تؤدّي النقابات العمالية في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري دوراً في الهيمنة على الطبقة العاملة في البلاد وقمعها، ما يمنع العاملين من أي تنظيم ذاتي بغرض الدفاع عن مصالحهم. تشكل النقابات جزءا من شبكات السلطة التابعة للنظام التي يستخدمها لفرض سلطته على السكان. بعد الانتخابات التي جرت أخيراً لمختلف اللجان والقيادات النقابية على مستوى المحافظات، فلنلقِ نظرة على واقع النقابات العمالية في سوريا.
تعود أصول النقابات العمالية التي تعمل كأداة لسلطات النظام إلى ما بعد انقلاب البعثيين عام 1963. نفّذ حزب البعث، ولا سيما في عهد صلاح جديد الممتد بين عامي 1966 و1970، سياسات مثل الإصلاح الزراعي والتأميم وتعزيز القطاع العام، قلّلت في شكل كبير التفاوت الطبقي. كذلك أنشأ نظاماً للضمان الاجتماعي، وخدمات حكومية مجانية، وإسكاناً مدعوماً، وتعليماً مجانياً، ورعاية صحية عامة. استفادت قطاعات كبيرة من الطبقة العاملة وصغار الفلاحين من هذه الإجراءات وشهدت تحسناً في ظروفها المعيشية. ومع ذلك، قُمِعت بعنف أي استقلالية للحركة العمالية وأي شكل من أشكال المعارضة اليسارية والتقدمية البديلة.
وبدأ النظام الجديد بمهاجمة أي توجه نضالي داخل النقابات العمالية، وأي معارضة للنظام البعثي في ستينات القرن العشرين. لم تُمنَح الطبقة العاملة تمثيلاً سياسياً مستقلاً في ظل النظام البعثي ومُنِعت من المشاركة في عملية اتخاذ القرارات السياسية. ولتحييد النقابات العمالية المشاكسة، بنى النظام قطاعه العام على غرار النموذج المصري، إذ شكّل هيئات تسيطر عليها الدولة، تُسمَّى "مؤسسات عامة" للإشراف على الإنتاج في قطاعات محددة. ولتمتين السيطرة على العاملين، أُجبِرت النقابات العمالية كلها بالقانون على الانتظام داخل الاتحاد العام لنقابات العمال عام 1968.