منذ أن أقر القرار 1701 لوقف الأعمال القتالية بين لبنان وإسرائيل، في 11 أغسطس/آب 2006، والقرار عرضة لانتهاكات متبادلة توجت على نطاق واسع منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد عملية "طوفان الأقصى" وانخراط "حزب الله" في جبهة المساندة لغزة، فتغيرت قواعد الاشتباك في الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، وتوسعت رقعة العمليات العسكرية.
بعد أكثر من سنة على بدء الحرب، وبموجب الاتفاق على وقف النار الذي أقر في 26 نوفمبر/تشرين الثاني برعاية أميركية مباشرة، يعود تطبيق القرار إلى الواجهة وسط دعوات محلية ودولية لمعالجة القصور الذي رافق تطبيقه، ورغم انتشار وحدات الجيش و"اليونيفيل" منذ عام 2006 فإن ذلك لم يحل دون استمرار الخروقات الإسرائيلية، وإن بقيت هذه الخروقات والردود عليها محكومة بقواعد اشتباك معينة، وبقي تطبيق القرار الدولي تشوبه ملابسات على صعيد تطبيق كامل بنوده والدور الموكل لكل من الجيش اللبناني و"اليونيفيل". فبعد سريان قرار وقف إطلاق النار هل يستطيع الجيش اللبناني اليوم معالجة الثغرات التي رافقت تطبيق القرار؟ وأي دور ينتظره؟
أعطى القرار 1701 الضوء الأخضر للبنان لإرسال جيشه إلى الجنوب بعد غياب طويل، والتنسيق مع القوات الدولية للقيام بمهام ودوريات مشتركة. فجاء هذا الانتشار في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية تركت آثارها على تطبيق القرار، وأبرزها:
- انقسام اللبنانيين وغياب القرار السياسي حول موضوع انتشار الجيش، وفق فرضيتين: الأولى أن ما يمتلكه الجيش من عتاد لا يمكنه من رد الاعتداءات الإسرائيلية وأن القرار يعتبر استهدافا للمقاومة المنصوص عليها في البيانات الوزارية، والثانية هي أن القرار يتيح بسط سلطة الدولة ويعزز دورها في الجنوب.
- اعتماد مجلس الأمن على قوات "اليونيفيل" والجيش اللبناني لتنفيذ القرار، في حين أنه لم يعط أياً منهما دورا رادعا للانتهاكات، ولم يحظ الجيش اللبناني بالدعم التسليحي واللوجستي للقيام بواجبه في تنفيذ القرار وحماية الحدود. فتحول القرار إلى نوع من الهدنة السياسية المؤقتة على جانبي الحدود.
- تم اختزال القرار 1701 في بند وحيد وهو وقف الأعمال القتالية بين الطرفين، وتم غض النظر عن تطبيق قرارين ارتكز عليهما القرار في الفقرة الثامنة (البند الثالث) وهما 1559 و1680 اللذان يقضيان بنزع سلاح الميليشيات وبسط سلطة الحكومة على جميع الأراضي اللبنانية، في ظل معادلة ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" التي التزمت بها الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ "الطائف"، مما أوجد واقعا إشكاليا في دور الجيش اللبناني حيال تطبيق القرارين المذكورين، بالإضافة إلى واقع إشكالي إضافي تمثل بالنظرة غير المطمئنة إلى دور قوات الطوارئ الدولية واتهامها بأنها تلعب دور الشرطي لصالح إسرائيل، وترجمت هذه النظرة بأكثر من احتكاك بين الأهالي وبعض دوريات "اليونيفيل" في أكثر من قرية جنوبي الليطاني.