تأسس "حزب الله" عام 1982، وبعد ثلاث سنوات، أعلن في "رسالة مفتوحة إلى المستضعفين" عام 1985 أن هدفه هو القضاء على إسرائيل، كما التزام حكم الإسلام و"ولاية الفقيه". بعد توقيع إتفاق الطائف عام 1989، تمسك الحزب بسلاحه باعتبار أنه "مقاومة إسلامية" هدفها الوحيد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. لكن إشكالات كثيرة ومتباينة لازمت الحزب منذ نشأته. فهو لم يتأسس بشكل قانوني، إذ لم يحصل على علم وخبر من وزارة الداخلية كبقية الأحزاب، وهو لو سعى إلى ذلك، لكان الجواب حكما الرفض لارتباطه بمرجعية أجنبية. فأمينه العام السابق، حسن نصر الله، أعلن بالصوت وبالصورة أن مصدر تمويله هو إيران، وأن الحزب يأتمر بأوامر مرجعية أجنبية، هي مرجعية "الولي الفقيه".
كذلك، لم يراع الحزب كمقاومة، الأصول والقواعد المتعارف عليها في العمل المقاوم. فالمقاومة، كما يقول الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر "هي ديمقراطية حقيقية من المستحيل أن يتلمس المرء فيها أي تمييز هرمي بين مقاوم رئيس وفرد، فالإثنان مكلفان المسؤولية نفسها ومكشوفان على الأخطار نفسها وملتزمان قيود الانضباط نفسها". وهذا ما غاب عن مقاومة "حزب الله"، فهناك من هم على الجبهة وهناك من هم بعيدون عنها، وهم فئة المعممين القادة، الذين يشجعون مريديهم ويدفعونهم إلى الموت تحت عنوان "الجهاد والاستشهاد"، كما حدث في الحرب الأخيرة حتى وقف إطلاق النار الهش.
هناك أيضا تمركز مشبوه في السلطة داخل الحزب. فنصر الله، الذي كان صاحب الكلمة الأولى في الحزب، ابن خالة هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للحزب، الذي كان يعتبر الرجل الثاني في الحزب، وشقيق الأخير عبد الله صفي الدين، كان المشرف على نقل الأموال إلى لبنان من مصدرها الرئيس، إيران. ومعروف أن هيكلية "حزب الله" تتضمن العديد من الكوادر لكل منها رواتب وميزات. فمقاتل "حزب الله" يكسب نحو 1500 دولار شهريا، أما الجندي في الجيش اللبناني فيتقاضى 300 دولار فقط، تدفع ثلثيه الولايات المتحدة وقطر.
ومن المفيد في هذا المقام التذكير بمقولة المناضل نيلسون مانديلا أن "المقاوم لا يعود مقاوما عندما يتقاضى أجرا مقابل مقاومته" ويتحول إلى مرتزق.