طائرات "الشاهين" تقلب الموازين في سوريا

تثير المسيرات حالة من الرعب والربكة في صفوف قوات دمشق

صورة لطائرة "الشاهين" أثناء انطلاقها

طائرات "الشاهين" تقلب الموازين في سوريا

سجلت طائرات "الشاهين" المسيرة دون طيار، والكتائب المسؤولة عن تشغيلها وتسييرها حضوراً لافتاً في عملية "ردع العدوان" ضد قوات دمشق والميليشيات الإيرانية، نظراً للمكاسب التي تحققها "الشاهين" في الميدان وقدرتها بالتعاون مع القوات البرية للفصائل المسلحة، على كسر الخطوط الدفاعية بأسلوب تمهيدي وإضعاف قدرة قوات دمشق على المقاومة أو الثبات في مواقعها الدفاعية عند أي خط دفاعي عن أي منطقة خاضعة لسيطرة دمشق.

وفي التفاصيل يتحدث قادة بتصريح خاص لـ"المجلة" عن التحول الاستراتيجي في أسلوب إدارة المعارك للمعارضة في عملية "ردع العدوان" على وجه الخصوص، وتحقيق المكاسب بمشاركة رئيسة من طائرات "الشاهين" المسيرة خلال الهجومات نحو مواقع قوات دمشق، والتخلي عن الجزء التمهيدي المدفعي وأسلحة تقليدية أخرى كانت تعتمد عليها الفصائل في المعارك سابقاً.

14 موقعاً عسكرياً في جبهات حلب، و6 مقار عسكرية تتبع "الحرس الثوري" الإيراني (كلها دفاعية)، ومواقع قيادية داخل الفوج "46" غربي حلب، كلها دُمرت بطائرات "الشاهين"، وساهمت بقوة في كسر الخطوط الدفاعية لقوات دمشق في مدينة حلب، إلى جانب كسر الجانب المعنوي عند ضباط النظام وعناصرهم في المواقع وتراكم كميات من الرعب عندها، نظراً لفعاليتها الضخمة ومدى قدرتها على تدمير الأهداف بما فيها المدرعة، وفقاً لمصدر مسؤول في فصائل مسلحة.

ويتابع: "لعبت طائرة الشاهين من دون طيار، أيضاً دوراً آخر في الاستراتيجية العسكرية الجديدة التي تتبعها المعارضة، حيث تستهدف هذه الطائرات المسيرة غرفة عمليات قوات النظام السوري في المواقع على خطوط المواجهة، التي تصبح أهدافاً للعمليات الميدانية، مما يحدث خللاً إدارياً وقيادياً داخل صفوف الأخيرة، ويساعد على تقدم القوات البرية للمعارضة والسيطرة على المواقع عقب اشتباكات متفاوتة بين محدودة وكبيرة مع من يتبقى من قوات النظام داخل هذه المواقع".

14 موقعاً عسكرياً في جبهات حلب، و6 مقار عسكرية تتبع "الحرس الثوري" الإيراني (كلها دفاعية)، ومواقع قيادية داخل الفوج "46" غربي حلب، كلها دُمرت بطائرات "الشاهين"، وساهمت بقوة في كسر الخطوط الدفاعية لقوات دمشق في مدينة حلب

يقول أحد القادة في عملية "ردع العدوان" التي تشارك فيها كتيبة "الشاهين" المسؤولة عن تصنيع وتطوير وتشغيل هذه الطائرات المسيرة ذات القدرة العالية في تحقيق الإصابة بدقة متناهية، إنه "جرى تصنيع وتطوير طائرة الشاهين بقدرات وخبرات محلية بحتة وضباط منشقين عن النظام السوري يمتلكون خبرات كبيرة في هذا المجال، ولا يوجد هناك مشاركة من قبل أي جهة دولية كانت".

ويدخل في التفاصيل قائلاً: "هناك 3 أنواع من الطائرات المسيرة التي تستخدمها كتائب الشاهين، وفي مقدمتها تلك الطائرات التي استخدمها الروس والإيرانيون في استهداف المدنيين شمال غربي سوريا على مدار السنوات الأخيرة الماضية ولم تنفجر أو تتعرض لأضرار كبيرة، وجرى إصلاحها وتطويرها من قبل خبراء سوريين في الفصائل المسلحة بعضها يطلق باليد، وهناك طائرات مسيرة لـ(الشاهين)، تعتمد على المراوح مزودة بكاميرات لضمان تسييرها نحو الهدف وتحقيق الإصابة بدقة بعد تزويدها بكمية من المتفجرات كالقنابل اليدوية أو قذائف (الآر بي جي)، كما أنه جرى تصنيع طائرة مسيرة مؤخراً على أيدي كتائب (الشاهين)، تعتمد في انطلاقها نحو أهدافها على محركات نفاثة مزودة أيضاً بكاميرا مراقبة وتُسير نحو الهدف، وكان لهذه الطائرة الدور الأبرز في تغيير موازين العمليات العسكرية لصالح الفصائل في ميادين القتال مع قوات النظام السوري، نظراً للقدرة التدميرية التي تحدثها في المواقع المستهدفة وبخاصة غرف القيادة للعمليات العسكرية التابعة للنظام".

حالة الرعب من طائرات "الشاهين"

يقول القيادي محمود العبدالله في عملية "ردع العدوان"، إنه "خلال أسر عناصر من قوات دمشق في مواقعهم عند السيطرة عليها، وفي التحقيقات الأولية التي تجرى معهم، يتحدثون عن كيف تتسبب تلك الطائرات المسيرة في حالة من الرعب والإرباك للقوات. 

ويرجع التخبط ضمن القوات في مواقعها الدفاعية والمواقع الخلفية إلى الطائرات المسيرة المستخدمة في العملية، وقدرتها على إصابة أهدافها بدقة فضلاً عن حالة التدمير التي تحدثها في الموقع، والتي تدفع غالباً ضباط قوات دمشق إلى الهرب نحو المواقع والخطوط الخلفية وإعطاء الأوامر منها للعناصر بالمواجهة مع الفصائل.

وتقول مصادر مقربة من غرفة عمليات "الفتح المبين" التي تشكلت أواخر عام 2019 للفصائل المسلحة وأخذت على عاتقها إدارة وتنسيق كل العمليات العسكرية في مناطق شمال غربي سوريا ضد قوات دمشق والميليشيات الإيرانية، إنه "جرى تشكيل كتائب الشاهين وهي الجهة الوحيدة ضمن مكونات الفتح المبين، عن تصنيع وتطوير وإطلاق الطائرات المسيرة دون طيار للفصائل، من قبل كوادر من أبناء الشعب السوري حصراً، وأتى ذلك نظراً للحاجة الملحة بدفع الفصائل المسلحة نحو تطوير الأسلوب القتالي ضد قوات النظام وحلفائه وإدخال استراتيجية قتالية جديدة على المعارك وتعزيز القدرة لديها، مقارنة بإمكانات النظام العسكرية القتالية ضد الفصائل".

يقول قيادي في عملية "ردع العدوان"، إنه "خلال أسر عناصر من قوات دمشق في مواقعهم عند السيطرة عليها، وفي التحقيقات الأولية التي تجرى معهم، يتحدثون عن كيف تتسبب الطائرات المسيرة في حالة من الرعب والإرباك للقوات

ونشرت إدارة العمليات العسكرية المسؤولة في غرفة عملية "ردع العدوان" تسجيلات مصورة عدة، يظهر فيها استخدام طائرات "الشاهين" المسيرة دون طيار، واستهدافها الدقيق لمواقع عسكرية مهمة إلى جانب شخصيات قيادية في صفوف قوات دمشق.

وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول، وفي خضم عملية "ردع العدوان"، استهدفت طائرة "الشاهين" للمعارضة، رئيس جهاز الأمن العسكري لقوات دمشق وعددا من مرافقيه في مدينة صوران (15 كيلومتراً شمال حماة وسط البلاد)، ما أسفر عن مقتله على الفور.

وتزامن هذا الاستهداف حينها مع استهداف آخر مماثل لتجمع كبير لضباط دمشق في قمة جبل زين العابدين شمال حماة، وجولة لرئيس هيئة أركان القوات اللواء عبد الكريم إبراهيم، التي قطعها على الفور وانسحابه من الموقع باتجاه مركز مدينة حماة، بعد يوم واحد من اختراق الفصائل لمدينة حماة وانسحابهم تكتيكياً نحو الخطوط الخلفية بشمال حماة، وأعقبها استهداف مباشر بطائرة "شاهين" لمطار حماة العسكري وتدمير طائرة مروحية فيه، لتعلن بعدها إدارة العمليات العسكرية للفصائل مقتل عدد من ضباط قوات دمشق عرف منهم حتى الآن (العميد جاسم دياب والعميد أيمن ملحم والعقيد محمود خضر المحمود) إثر استهدافهم في مناطق متفرقة بمسيرات "الشاهين" أثناء المعارك الجارية منذ أيام في شمالي حماة.

وتشير المعطيات إلى أنه لدى طائرة "الشاهين" المسيرة دون طيار القدرة على قطع مسافات تصل إلى مسافة 25 كيلومتراً من موقع إطلاقها، وما يؤكد ذلك هو استهداف هذا النوع من السلاح اجتماعاً عسكرياً ضم عددا من الضباط في قوات دمشق برتب مختلفة بينهم ضمن صفوف "الحرس الجمهوري"، في منطقة مصياف غربي حماة 40 كيلومتراً والتي تبعد عن آخر نقطة تقدمت الفصائل إليها بريف حماة بنحو 20 كيلومتراً شمال حماة.

صورة لطائرة "الشاهين"

ومن جهة ثانية، لم توضح أي جهة عسكرية ضمن الفصائل العدد الذي تملكه من هذه الطائرات تماشياً مع الحفاظ على الأسرار العسكرية وبخاصة القتالية والنوعية لضمان سرية العملية ومجريتها.

ولم يقتصر دور "الشاهين" في الميدان والاشتباكات العنيفة عند حدود وأسوار مدينة حلب وحماة فحسب، إنما كان لها دور مماثل وبارز في كسر قوات دمشق ومعنوياتها في منطقة السفيرة وجبل عزان جنوب شرقي حلب بنحو 30 كيلومترا، حيث أطلقت الفصائل عددا من طائرات "الشاهين" نحو آخر معاقل قوات دمشق والميليشيات الإيرانية في مركز معامل الدفاع العسكرية في منطقة السفيرة وجبل عزان الاستراتيجيين، مما شكل حالة من التمهيد شبه الجوي للفصائل نحو تلك المواقع بالتوازي مع الهجوم البري لها، وأدى إلى انسحاب قوات دمشق وإيران منها بعد معارك برية ضارية وقع فيها عشرات القتلى، والأسرى من الأخيرة بقبضة الفصائل.

font change

مقالات ذات صلة