وثائقي الدوري السعودي على "نتفليكس"... رحلة في أعماق التحول الرياضي

ولدى رونالدو تأثير في الوسط الرياضي، لما يملكه من إنجازات وأرقام قياسية تجعله من أفضل اللاعبين العالميين خلال العقدين الماضيين، ويعدّ من ضمن قائمة أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف في التاريخ، وهو ما جعل من مجيئه إلى المملكة نقطة فارقة في مسار تنمية مجالات عدة من ضمنها السياحة والاقتصاد والاجتماع، والرياضة في طبيعة الحال.

ويبين لنا الوثائقي كيف أثر انضمام المهاجم البرتغالي هذا على الدوري السعودي ومساهمته في زيادة القيمة السوقية للبطولة، بل وفي رفع جودة الدوري ومستواه، وذلك في جذب وإقناع النخبة من اللاعبين في الدوريات الخمس الكبرى في العالم في القدوم إلى الدوري السعودي وتفضيله على العروض الأخرى المقدمة اليهم، وكان آخرهم النجم البرازيلي نيمار الذي انضم إلى نادي الهلال قادما من باريس سان جيرمان الفرنسي في العام المنصرم.

هناك نوعية من اللاعبين تجذب المشجعين أينما ارتحلت، وفي حالة رونالدو فإن انضمامه ساهم في زيادة مشاهدي الدوري الذي أصبح يُتابَع ويُبَث في 180 دولة، وهذا ما تصبو إليه السعودية لكي تحقق هدفها باستضافة بطولات عالمية في المستقبل، وفي مقدمها كأس العالم 2034 الذي ترشحت لها في العام المنصرم، والذي من المقرر أن يتم إعلان الفائز في حق استضافة البطولة يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

والأمر نفسه حدث بالنسبة إلى المستضيف الرئيسي القادم لهذه البطولة وهي الولايات المتحدة الأميركية بمشاركة كل من كندا والمكسيك في عام 2027، ولعل هذا ما يفسر لنا انتقال النجم الأرجنتيني ليو ميسي إليها، وما جعل عشاق اللاعب يلحقون به إلى هناك ويتابعون الدوري الأميركي من أجله على الرغم من أن رياضة كرة القدم  ليس ذات شعبية لدى الأميركيين أنفسهم.

أهمية كرة القدم في السعودية

تتمتع كرة القدم بحضور كبير لدى السعوديين، ولا تنتهي النقاشات والجدالات في شأنها بينهم في الجلسات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأهميتها لا تقتصر على دائرة بعينها، فهي مصدر اهتمام كلّ الفئات الاجتماعية، بل إن تشجيع الأندية يرثه الأبناء عن الآباء، ويمكن القول إن مستوى الاهتمام بهذه الرياضة لدى المجتمع السعودي يتكافأ مع اهتمام مشجعي كرة القدم الإنكليز في شغفهم بالكرة، والإيطاليين في تعصبهم، والبرازيليين في جنونهم، والإسبان في حماستهم.

وتتجلى مكانة كرة القدم لدى السعوديون في مطلع الوثائقي، وذلك عند إدخالنا إلى الملاعب السعودية مع الجمهور خلال متابعته أهم مباراة في الكرة السعودية بين ناديي العاصمة الرياض، الهلال والنصر، وفي لقطات تجعلنا نشاطرهم الأجواء والمشاعر التي يعيشها المشجع خلال المباراة من فرح لدى طرف يسبقه توجس قبل الهدف، إلى حزن وحسرة على الضفة الأخرى.

وتضعنا الحلقات الخمس في قلب الحدث عبر شرح السياق التاريخي للأندية والمناكفة المستمرة بينها، وما تعنيه المباريات التي تتواجه خلالها الفرق، سواء بالنسبة إلى الجماهير أو اللاعبين المعتزلين والكتاب الرياضيين وحتى المشرفين على عملية تطوير الفرق ولماذا اتخذوا قرارات في عينها، وما تفاصيل خططهم، الأمر الذي يجعل الوثائقي مصدرا مهما للمهتمين بكرة القدم السعودية، إذ يشرح لهم جوهر المنافسة، فهذا النادي ينافس على الشعبية بتلك المدينة، وذاك النادي يقاتل من أجل تحقيق بطولة يعادل بها غريمه التقليدي.

وفي خارج الملعب يمكن للمشاهد أن يرى وقع المباراة على المدينة وكيف يتحول انتباه جلّ سكان المملكة نحو المباراة، وانقلاب حالة العاصمة التي يقطنها نحو 8 ملايين والتي لا يكاد يهدأ ضجيج حركتها إلى سكون مع بداية صافرة الحكم أو البوق الذي يعلن من خلاله انطلاق المعركة، حيث لا صوت يعلو في أنحاء المدينة على ذلك الجزء الذي تقام فيه المباراة.

فهم الثقافة السعودية

يشبع الوثائقي فضول مشاهد أو مشجّع كرة القدم السعودية، خصوصا غير العربي الذي قد يجهل بعض أوجه الثقافة في بلد مثل السعودية تزخر مناطقه المختلفة بالعديد من العادات والتقاليد، وهذه جوانب ضرورية بالنسبة إلى اللاعب القادم إلى المملكة لكي يبني تصورا حقيقيا مختلفا عما هو متداول عبر بعض وسائل الإعلام الغربية.

ويقدم الينا الوثائقي جوانب من حياة اللاعبين أو المدربين الوافدين إلى المملكة من خلال مقابلات تلخص تجربتهم، وتقدم صورة كاملة الى نظرائهم من حيث أسلوب الحياة في المملكة، وكيف يمكن التكيف مع الطقس هناك، والانسجام مع الثقافة السعودية باختلاف مناطقها. وهو أمر بالغ الأهمية ليس للاعب فحسب، بل لعائلته التي تعد من أهم العوامل المؤثرة في القرارات التي يتخذها ولأدائه في أرض الملعب.