قبل أربعة أيام فقط، وحرفيا، بعد ساعات من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، اندلعت أزمة جديدة في سوريا.
وشهدت البلاد خلال الفترة الماضية انخفاضا ملحوظا في حدة الأعمال العدائية، حيث ظلت خطوط المواجهة بين الأطراف المتصارعة ثابتة منذ عام 2019. وبينما اعتقد معظم المراقبين أن سوريا باتت صراعا مجمدا يمكن التحكم فيه، كان هناك قلة، بمن فيهم كاتب المقال، يرون أن هذا التصور مجرد واجهة خادعة. فالواقع كان دائما يحمل بذور عدم الاستقرار، مع احتمال تجدد الأزمة في أي وقت.
في التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، انتشرت صور لجيش غير منظم، مسلح بالرشاشات، يتحرك عبر دراجات نارية وشاحنات في وسط مدينة حلب، كبرى المدن السورية والعاصمة الاقتصادية للبلاد.
هذا التطور السريع والمفاجئ أثار الكثير من التساؤلات حول الأطراف المتورطة والمستفيدة. لماذا بدا الجيش السوري، المعروف بيقظته، متفاجئا وغير قادر على إبداء مقاومة تُذكر؟ ولماذا تأخرت روسيا وإيران، الحليفتان الرئيستان لدمشق، في تقديم الدعم الفوري؟ وما الأدوار التي لعبتها كل من إسرائيل وتركيا في هذه الأحداث؟ وهل كان للولايات المتحدة أي دور في هذا التصعيد؟
هذه بالكاد بعض الأسئلة الطبيعية التي تثار في مثل هذه الحالات. وفي ظل غياب معلومات موثوقة، ليس من المستغرب في مثل هذه الحالات أن تنتشر روايات متعددة تتراوح بين الواقعي والخرافي.
ومع ذلك، فإن كل أزمة تحمل في طياتها فرصة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن استغلال هذه الأزمة لتحقيق تسوية طال انتظارها في سوريا؟
لاستكشاف هذه الإمكانية، يجب مراعاة عاملين رئيسين:
العامل الأول: الانتقال الوشيك إلى إدارة ترمب
مع اقتراب تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة خلال أسابيع، يبدو أن فكرة التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا، التي كانت مستبعدة في السابق، باتت قابلة للتحقق. فقد أعرب ترمب عن استعداده للعمل مع موسكو لحل الصراعات الدولية، بما في ذلك الوضع في أوكرانيا. وعلى الجانب الآخر، أظهرت روسيا حماسة واضحة لفوز ترمب في الانتخابات. وخلال السنوات الماضية، تبادل كل من ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبارات الإعجاب، ما زاد من التكهنات حول احتمال حدوث تعاون مشترك في قضايا دولية كبرى، من بينها الصراع السوري.