تُعد حكومة الرئيس بشار الأسد وحليفاها، روسيا وإيران، أكبر الخاسرين من سيطرة الفصائل المسلحة على حلب والبلدات الواقعة شمال محافظة حماة. أما تركيا فقد استطاعت الخروج مما حصل أقوى من أي وقت مضى. ومع ذلك، يبقى التحدي في الأسابيع المقبلة هو ضرورة توصل جميع الأطراف، سواء الخاسرة أو الرابحة، إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.
في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفي بيان صدر عقب مكالمة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان، دعت وزارة الخارجية الروسية إلى ضرورة العمل على استقرار الأوضاع في سوريا. يذكّر بيان موسكو بالنبرة المشتركة بين العاصمتين خلال اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020، الذي انهار مؤخرا. وفي النهاية، لم يعد التساؤل حول التوصل إلى وقف لإطلاق النار يدور حول "إمكانية حدوثه" بل حول "توقيته".
من المؤكد أن بشار الأسد، حليف روسيا، في حاجة ملحّة إلى وقف إطلاق النار بشكل عاجل. نادرا ما حقق جيش الأسد أداء جيدا في ساحات المعارك السورية، غير أن أحداث نوفمبر 2024 كانت كارثية على نحو خاص. فقد أتيحت الفرصة لمقاتلي الفصائل المسلحة المتقدمين لاجتياح مفارز روسية وإيرانية صغيرة خلال طريقهم نحو حلب والبلدات الواقعة جنوبا. واضطر الجيش السوري إلى التراجع نحو مدينة حماة، التي تبعد 130 كيلومترا جنوبا، في محاولة لإنشاء خط دفاع جديد. لكن التحدي الأكبر يتمثل في حاجة الأسد الماسة إلى تعزيزات عسكرية، إذ لم يتبقَّ لديه سوى عدد محدود للغاية من القوات.وسيمثل فقدان السيطرة على حماة وحمص كارثة حقيقية، ما يثير تساؤلات داخل دمشق حول إمكانية سحب الوحدات العسكرية من دير الزور في الشرق إلى الجبهات الأكثر إلحاحا في الغرب.
يُشار إلى أن الجيش السوري استعاد دير الزور من تنظيم "داعش" عام 2017، ما يجعل الانسحاب من شرق سوريا في نهاية عام 2024 بمثابة إذلال جديد. وفقدان هذه المنطقة، إلى جانب حلب، سيكون دليلا قاطعا على عجز الأسد الكامل عن تحقيق الاستقرار في البلاد.
والحال فإنّ الأسد يحتاج إلى دعم عاجل من حلفائه الخارجيين مرة أخرى. ففي عام 2013، دفعت إيران "حزب الله" إلى التدخل في مدينة القصير السورية بالقرب من حمص، حيث أسهم انتصار مقاتلي "حزب الله" إلى جانب الجيش السوري على "الجيش السوري الحر"، في تحقيق استقرار نسبي للأوضاع لصالح الأسد استمر لمدة عامين. لكن "حزب الله" في عام 2024 يختلف تماما عما كان عليه في ديسمبر/كانون الأول 2013. وإضافة إلى ذلك، في عام 2013، لم يكن "حزب الله" يواجه القلق المتزايد من الاستخبارات الإسرائيلية أو الغارات الجوية التي تستهدف قوافل وطرق إمداده.