حيفا- وقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان و"حزب الله"، إلا أنه لم يوقع ولن يوقع مع غزة. أصلا قام بالقضاء على كل أشكال التمثيل الوطني الفلسطيني ولم يعد هناك من يوقع على اتفاق معه أو مع إسرائيل، وهذا ما أراده مع شركائه من اليمين الفاشي، والسلطة الوطنية مجرد وكيل ثانوي، و"حماس" ليست بديلا كافيا لمهمة تمثيل الفلسطينيين.
بالنسبة لنتنياهو الحرب في غزة هي حربه الأخيرة والتي سوف تمتد إلى حين السيطرة الكاملة على فلسطين وإبطال أية قدرة جدية لتحدي سلطة الدولة اليهودية من قبل الفلسطينيين. من المهم فهم الفرق في حروب نتنياهو وإسرائيل مقابل الفلسطينيين ولبنان، وهنالك فرق ينبع من الغايات وليس من صعوبة المعركة أو الإنجازات الفورية.
بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" يوم الثلاثاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، نحتاج الإجابة على السؤال: لماذا وافقت إسرائيل ونتنياهو بقيادتها على وقف إطلاق النار؟ فالأمر ليس مفهوما ضمنا وخصوصا أن إسرائيل لم تصل إلى أهدافها التي أعلنها نتنياهو بعد بدء الهجوم العسكري على لبنان. وأعني بذلك إجبار قوات "حزب الله" على التراجع إلى ما قبل نهر الليطاني وإنهاء قوته العسكرية المهددة لإسرائيل، وربما تجريده من أسلحته الثقيلة المهددة لأمن إسرائيل وخصوصا لسكان شمال إسرائيل.
رغم إنجازات "حزب الله" في المرحلة الأولى من الحرب، وحتى أواسط سبتمبر/أيلول 2024 والتي تمثلت في القدرة على خلق حالة توتر على الحدود مع إسرائيل واضطرارها إلى رصد وحدات عسكرية جاهزة على حدودها الشمالية وإبعادها عن المشاركة الفعالة في الحرب على غزة، كما تهجير جزء كبير من الإسرائيليين من بلداتهم في القطاع الشمالي، وتهديد إسرائيل بإمكانية شن هجوم كاسح على العمق الإسرائيلي ما وضع إسرائيل في حالة تأهب واستنفار وتخوف جدي من مثل هذا الهجوم. كل ذلك بدأ بالانهيار مع هجوم "البيجر" الإسرائيلي ومن ثم استهداف قيادات "حزب الله" وعلى رأسهم زعيمه حسن نصرالله وما تبعه من استهداف إسرائيلي للمدنيين في جنوب لبنان وفي الضاحية والقصف المتواصل الذي أدى إلى تهجير أكثر من مليون لبناني من بلداتهم وبيوتهم وتهديم البيئة الاجتماعية الحاضنة لـ"حزب الله" وبالتالي إضعاف جدي لقدرات "الحزب" العسكرية وتركه من دون قدرة جدية على الرد في العمق الإسرائيلي، أي سحب أهم مركبات قوته العسكرية، وبالتالي إجباره على الإعلان مبكرا عن رغبته في فض الترابط مع الحرب على غزة وإجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار مع قبول ضمني لتغييرات جدية في حيثيات وقف إطلاق النار في صيف 2006 على ضوء قرار مجلس الأمن 1701.