الرسوم الجمركية على طاولة "العشاء الأول" بين ترمب وترودو

أميركا الشريك التجاري الأول لكندا التي بلغت صادراتها الى جارتها 440 مليار دولار في 2023

الصفحة الرسمية لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو
الصفحة الرسمية لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، خلال لقائهما في مقر إقامة ترمب في منتجع مار إيه لاغو في ولاية فلوريدا، 30 نوفمبر 2024.

الرسوم الجمركية على طاولة "العشاء الأول" بين ترمب وترودو

مونتريال - تأتي كندا في مقدمة الدول الثلاث التي توعدها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية، إضافة الى الصين والمكسيك، لكن كندا تتمتع بعلاقات اقتصادية وسياسية وجغرافية مميزة مع الولايات المتحدة، فهل ستتكيف أوتاوا مع عقلية ترمب التجارية أم ستختار مواجهتها؟

منذ انتخاب الرئيس الأميركي الجديد-العائد، استنفرت الأوساط السياسية والاقتصادية في كندا، وتوجس قطاع الأعمال في البلاد من نيات ترمب وتوجهاته المعلنة بصراحة وحزم. فورا هنّأه رئيس الحكومة الكندية جاستن ترودو على فوزه غير المسبوق، مذكرا ومتوددا بأن العلاقات بين البلدين هي "الأكثر نجاحاً في العالم. نحن جيران وأصدقاء، يجمعنا تاريخ مشترك وقيم مشتركة وروابط ثابتة بين شعبينا. كما أنّ كلّاً منّا هو الشريك التجاري الأكبر للآخر، واقتصادينا متشابكان بعمق".

وقال إن كندا والولايات المتحدة والمكسيك أعادت خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى (2017 - 2021) التفاوض بنجاح حول اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية "نافتا"، وكانت ثمرة ذلك "اتفاقية كندا والولايات المتحدة والمكسيك" (CUSMA / ACEUM).

Shutterstock
العلاقات الأميركية الكندية في مهب الرسوم الجمركية المتوقعة.

لكن الخبراء الاقتصاديين يتفقون حاليا على أنّ العلاقات بين أوتاوا وواشنطن قد تكون أكثر صعوبة مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، على الرغم من أن حكومة ترودو تعتقد أن كندا هي "اليوم في وضع أفضل للتفاوض" مع الولايات المتحدة. في وقت ترى شخصيات مثل البروفسور فين هامبسون، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة كارلتون في أوتاوا، أن "السيد ترمب وبعض الأشخاص الرئيسيين من حوله، من بينهم روبرت لايتهايزر (الممثل التجاري السابق للولايات المتحدة)، يريدون حقاً النيل من كندا".

أشار تقرير صادر عن غرفة التجارة الكندية أنّ الرسوم الجمركية، إذا ما فُرضت، ستكلّف الاقتصاد الكندي نحو 30 مليار دولار سنوياً

وأظهرت إدارة ترمب الأولى مدى ضعف كندا أمام نزوات الولايات المتحدة، وخصوصا عندما تخلّى ترمب عن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية فارضاً إعادة التفاوض في شأنها، وكانت النتيجة "اتفاقية كندا والولايات المتحدة والمكسيك" التي وُقعت نسختها الأخيرة في ديسمبر/كانون الأول 2019. ومن المقرر أن تتمّ مراجعة هذه الاتفاقية في عام 2026، أي خلال ولاية ترمب المقبلة.

CNN.com
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مأدبة عشاء مع الرئيس ترمب وبعض وزرائه في حكومته المقبلة، في ولاية فلوريدا 30 نوفمبر 2024.

كما أنّ الرسوم التي وعد ترمب بفرضها على الواردات إلى الولايات المتحدة، تشكّل مصدراً آخر للقلق في كندا، كما في مختلف أنحاء العالم. وأشار تقرير صادر عن غرفة التجارة الكندية، أنّ هذه الرسوم، إذا ما فُرضت، ستكلّف الاقتصاد الكندي نحو 30 مليار دولار سنوياً. وعلى الرغم من أن ترمب وصف ترودو خلال ولايته الأولى بأنه "ضعيف" و"غير صادق"، كما وصفه ذات مرة بأنه "ذو وجهين" و"مجنون من اليسار المتطرف"، إلا أن العلاقات بين البلدين ظلت من بين الأقرب في العالم.

ترمب يعلن رسوماً جمركية على كندا والمكسيك

وعد الرئيس ترمب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إنه سيفرض في أول يوم له في منصبه في 20 يناير/كانون الثاني 2025، رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على كل الواردات من كندا والمكسيك، مشيراً إلى مخاوف في شأن الهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات غير المشروعة.

كما يعلم الجميع، يتدفق الآلاف من الناس عبر المكسيك وكندا، ويجلبون معهم الجريمة والمخدرات بمستويات لم نشهدها من قبل

دونالد ترمب، الرئيس الأميركي المنتخب

وكتب ترمب منشورين منفصلين على منصة "تروث سوشل" (Truth Social) للتواصل الاجتماعي، التي تخصّ "مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا" (TMTG) التي يملك الرئيس المنتخَب معظم أسهمها؛

في منشوره الأول: "كما يعلم الجميع، يتدفق آلاف الناس عبر المكسيك وكندا، ويجلبون معهم الجريمة والمخدرات بمستويات لم نشهدها من قبل. في الوقت الحالي، يبدو أن قافلة قادمة من المكسيك، تتألف من آلاف الأشخاص، لا يمكن إيقافها تسعى لعبور حدودنا المفتوحة حالياً. في 20 يناير/كانون الثاني، من بين أوامري التنفيذية الأولى، سأوقع جميع الوثائق اللازمة لفرض تعرفة جمركية بنسبة 25 في المئة على كل المنتجات الآتية من المكسيك وكندا إلى الولايات المتحدة وحدودها المفتوحة، وهو أمر سخيف (Ridiculous Open Borders). ستظل هذه التعرفة سارية حتى تتوقف المخدرات، وخصوصا الفنتانيل، وجميع الأجانب غير الشرعيين عن هذا الغزو لبلدنا! تتمتع كل من المكسيك وكندا بالحق المطلق والسلطة لحل هذه المشكلة الطويلة الأمد بسهولة. نطالبهما بموجب هذا باستخدام هذه السلطة، وإلى أن تفعلا ذلك، حان الوقت لدفع ثمن باهظ للغاية!".

أ.ف.ب.
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في لقاء مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، خلال ولايته الأولى، لندن، 3 ديسمبر 2019.

وفي منشور ثانٍ قال ترمب "سنفرض على الصين تعرفة إضافية بنسبة 10 في المئة، فوق أي تعرفات إضافية، على جميع منتجاتها التي تدخل الولايات المتحدة".

جاستن ترودو التقى ترمب في زيارة غير معلنة 

في ظل هذه الأجواء قام رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بزيارة غير مدرجة في جدول أعماله إلى الولايات المتحدة التقى خلالها الرئيس ترمب في منتجع "مار إيه لاجو" في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا. وترودو هو أول زعيم من دول مجموعة السبع يزور المنتجع الخاص بترمب منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وضم الوفد الكندي المشارك في اللقاء على العشاء إلى جانب ترودو، وزير السلامة العامة دومينيك لوبلان الذي تشمل مسؤولياته أمن الحدود، بالإضافة إلى كبيرة موظفي رئيس الوزراء كاتي تيلفورد، ونائب رئيس موظفيه بريان كلو.

أحد الأمور التي يجب أن نفهمها بوضوح هي أن دونالد ترمب، عندما يدلي بتصريحات مثل هذه، فإنه يعتزم تنفيذها، لا شك في ذلك

جاستن ترودو، رئيس الوزراء الكندي

أما على الجانب الأميركي، فقد حضر الى الرئيس المنتخب ترمب، مرشحه لمنصب وزير الداخلية، حاكم ولاية داكوتا الشمالية دوغ بورغوم، والمرشح لمنصب وزير التجارة هاورد لوتنيك، والمرشح لمنصب مستشار الأمن القومي النائب مايك والتز، والسناتور المنتخب من بنسلفانيا ديف مكورميك،بالإضافة إلى قريناتهم الأربع.

الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأول لكندا

وحسب وكالة "بلومبرغ"، تحدث ترودو وترمب في شأن مجموعة واسعة من القضايا خلال العشاء الذي استمر نحو ثلاث ساعات، وشملت القضايا الدفاع وحلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا والصين، وبحثا أيضاً العديد من مشروعات خطوط الأنابيب، بما في ذلك خط "كيستون إكس إل"  (Keystone XL) الذي أوقفته إدارة بايدن، والاتفاق المشترك مع الولايات المتحدة وفنلندا لبناء كاسحات الجليد لمنطقة القطب الشمالي. 

المعلوم ان قضية الرسوم الجمركية بين البلدين هي أساس تشنج العلاقات المشتركة حاليا، وكان ترودو صرّح، إن تهديد ترمب بفرض التعرفة الجمركية يجب أن يُؤخذ على محمل الجد. وقال: "أحد الأمور التي يجب أن نفهمها بوضوح، أن دونالد ترمب، عندما يدلي بتصريحات مثل هذه، فإنه يعتزم تنفيذها، لا شك في ذلك".

وأضاف ترودو أنه يتطلع إلى إجراء "الكثير من المحادثات المثمرة مع الرئيس المنتخب ترمب بينما نمضي قدماً في الدفاع عن الوظائف الجيدة على جانبي الحدود".

ثلاثة أرباع الصادرات الكندية الى أميركا، وكندا هي أكبر مورد خارجي للنفط الخام الى الولايات المتحدة. وبلغت قيمة صادراتها من مواد الطاقة الى الولايات المتحدة 122.83 مليار دولار أميركي خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة

ومعلوم أن الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأول لكندا، وإليها تذهب ثلاثة أرباع الصادرات الكندية. وقد بلغت صادرات كندا إلى الولايات المتحدة 439.6 مليار دولار أميركي خلال عام 2023، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة  (COMTRADE) حول التجارة الدولية.

وحذر مسؤولون من كندا والمكسيك، إلى جانب مجموعات صناعية رئيسة، من أن الرسوم الجمركية الباهظة التي هدد بها ترمب ستضر باقتصادات جميع الدول المعنية، وتتسبب في ارتفاع التضخم وإلحاق الضرر بسوق العمل.

رويترز
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، في لقاء مع تلاميذ مدرسة في مقاطعة أونتاريو، كندا، 22 نوفمبر 2024.

أكبر صادرات كندا إلى جارتها الجنوبية هي النفط والغاز وغيرها من منتجات الطاقة الأخرى، وهي أكبر مورد خارجي للنفط الخام الى الولايات المتحدة. وقد بلغت قيمة صادرات الطاقة من كندا الى الولايات المتحدة 173.6 مليار دولار كندي، 122.83 مليار دولار أميركي خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، وبالتالي فإن فرض تعرفة جمركية بنسبة 25% على ما تورده كندا من شأنه فرض ضغوط على تكاليف الطاقة في أميركا. وهو ما تحدث عنه ويلبر روس، وزير التجارة السابق خلال ولاية ترمب، إذ أوضح أنه لن يكون هناك أي معنى لفرض التعرفات الجمركية على الطاقة الكندية، لأن ذلك سيرفع التكاليف في الولايات المتحدة ولن يساعد في زيادة الوظائف الأميركية.

صناعة السيارات الكندية والأميركية متشابكتان

ونَبّه رئيس جمعية مصنعي أجزاء السيارات الكندية، فلافيو فولبي، أن صناعة السيارات الكندية والأميركية متشابكتان للغاية، وتعملان بهوامش ربح ضئيلة جداً. وأضاف: "لقد فعل الرئيس المنتخب ما اشتهر به، وهو محاولة إثارة الجدال، والمفاجأة الوحيدة هي مدى سرعة قيامه بذلك، ما تعلمناه في ولايته الأولى، أنه يستخدم خطاباً قوياً، لكن المفاوضات دائماً صعبة ولكنها معقولة، وأنا أقول للجميع تلحوا بالصبر".

انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن إعلان ترمب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلعة الآتية من كندا والمكسيك، معتبراً أن هذا القرار سيتسبب بنتائج عكسية

انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، إعلان الرئيس المنتخب دونالد ترمب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلعة الآتية من كندا والمكسيك، معتبراً أن هذا القرار سيتسبب بنتائج "عكسية".

وقال بايدن للصحافيين في نانتوكيت بولاية ماساتشوستس: "آمل أن يعيد النظر في الأمر، وأعتقد أن هذا أمر غير منتج"، بحسب ما أوردت شبكة "ان بي سي نيوز". وأضاف: "آخر شيء يتعين علينا فعله هو البدء في إفساد هذه العلاقات".

محادثات ترمب مع الرئيسة المكسيكية

وأجرت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، الأربعاء الماضي، مكالمة مع الرئيس ترمب الذي أعلن في أعقاب المكالمة، توصله الى اتفاق لوقف الهجرة، وقال إن شينباوم "وافقت على وقف الهجرة عبر المكسيك، وإلى الولايات المتحدة، وإغلاق حدودنا الجنوبية فعلياً". 

.أ.ف.ب
لوحة تشير إلى الحدود الأميركية المكسيكية في سان إيسيدرو في ولاية كاليفورنيا، 26 نوفمبر 2024.

في المقابل قالت شينباوم، الخميس الماضي، إنها لم تناقش التعرفات الجمركية على وجه التحديد في المكالمة التي أجرتها مع ترمب، مضيفة أنهما اتفقا على الدفع من أجل "علاقات جيدة" بين البلدين، وانها أجرت "محادثة ممتازة"، إذ ناقشا "استراتيجيا المكسيك في شأن الهجرة"، دون أن تؤكد صراحة التزام بلادها وقف تدفق المهاجرين. وأعربت شينباوم عن ثقتها بإمكان تجنب حرب رسوم تجارية مع الولايات المتحدة، لكنها لم توضح كيفية تجنبها. كما أشارت إلى حملة حكومتها لمكافحة استهلاك الفنتانيل، المخدر الاصطناعي المسؤول عن آلاف الوفيات سنوياً في الولايات المتحدة. وأكدت أن المكسيك تتعامل مع قوافل المهاجرين داخل حدودها، لكنها لم تصرح عن أي التزامات لوقف تدفقهم، كما ذكر ترمب.

سنحارب سياسات ترمب الاقتصادية والتعرفات الجمركية، وسنسحب أموالنا من أميركا، كما سنسعى إلى تكثيف الأمن على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا

بيار بوليفير، زعيم حزب المحافظين المعارض في كندا

وسبق أن أعلن زعيم حزب المحافظين المعارض في كندا بيار بوليفير، إنه سيحارب سياسات ترمب الاقتصادية والتعرفات الجمركية، وأخبر جاس جوهال على محطة "كوروس" الإذاعية (CKNW) في فانكوفر أنه يدعم أيضاً زيادة الأمن على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، لكنه قلل المخاوف من أن عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها ترمب ستؤدي إلى تدفق المهاجرين الساعين إلى دخول كندا.

ورداً على سؤال كيف يخطط للتعامل مع ترمب إذا فرض تعرفات جمركية على كندا، أجاب أنه سيعمل على إنهاء التعرفات الجمركية على الأخشاب اللينة ويؤمّن الإعفاء من سياسات "اشترِ المنتجات الأميركية" (Buy American Act)، وأضاف: "لكن الأهم من ذلك أنني سأحارب النار بالنار"، مشيراً إلى أن كندا شهدت انخفاض مستويات كبيرة من الاستثمارات وانتقالها إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. وأكد بوليفير قائلاً: "أريد أموالنا مرة أخرى". 

وقال زعيم حزب المحافظين إن خطته المعلنة منذ فترة طويلة لإلغاء ضريبة الكربون، فضلاً عن خفوضات ضريبة الدخل والضرائب على الاستثمارات الأجنبية، ستُنهي تدفق الاستثمار والصناعة من كندا إلى الولايات المتحدة. وأضاف: "ترمب يريد وظائفنا، ويريد ترودو مساعدته في الحصول عليها، عندما أكون رئيساً للوزراء، سينتهي هذا".

هل تتأقلم كندا مع عقلية ترمب التجارية؟

وكانت حكومة ترودو الليبيرالية قد أعربت عن ثقتها في أن إدارة ترمب الأولى، التي شهدت فرض تعرفات جمركية متبادلة على الصلب والألمنيوم، أثبتت أن كندا يجب أن تكون معفاة من مثل هذه التعرفات. لكن بوليفير قال إن حكومة ترودو كان ينبغي أن تحصل على إعفاء من التعرفات الجمركية الأميركية في"اتفاقية كندا والولايات المتحدة والمكسيك" التي حلت محل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية خلال ولاية ترمب الأولى، بما في ذلك على الأخشاب اللينة.

إن ولاية ترمب الثانية تشكل تهديداً واضحاً لأوروبا

كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي

طوال حياته المهنية، وخلال الفترة الأولى في منصبه، كان ترمب يهدف باستمرار إلى زعزعة استقرار منافسيه، من خلال إصدار تهديدات متطرفة وغير متوقعة، وكثيراً ما نجحت مثل هذه التهديدات.

أنظر فقط إلى مدى سرعة تحرك ترودو لزيارة ترمب ساعياً إلى إيجاد طرق لحلّ المشكلة، وكيف حثت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أوروبا على "شراء أشياء معينة من الولايات المتحدة"، مثل الغاز الطبيعي المسال والمعدات الدفاعية والمنتجات الزراعية، لتجنب حرب ترمب التجارية. 

رويترز
شاحنة تسير في اتجاه ميناء تابع لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، في مدينة كولومبيا الكندية بالقرب من المحيط الهادئ، 26 نوفمبر 2024.

وكانت لاغارد صريحة بشكل غير عادي في التعبير عن رأيها في شأن الرئيس الأميركي المنتخب، قائلة في وقت سابق من هذه السنة إن ولاية ترمب الثانية تشكل "تهديداً واضحاً" لأوروبا. وقالت اخيراً لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن هذا التصريح كان "نبوءة". ويرى فريق ترمب التجارة كأداة لزيادة هيمنة أميركا على السوق في عالم حيث "الشركاء" التجاريون ليسوا متساوين على الإطلاق. كما يهدف الفريق أيضاً إلى امتصاص النشاط الاقتصادي من منافسي أميركا، وإضعافهم.

تكيف أم مواجهة كندية

هذه العقلية التجارية وصفها رجل الاقتصاد ألبرت هيرشمان في كتابه "القوة الوطنية وبنية التجارة الخارجية" الذي نُشر عام 1945، ويشير فيه إلى "إن زيادة الثروة من خلال التجارة الخارجية تؤدي إلى زيادة في القوة نسبة إلى قوة الدول الأخرى".

قرار ترمب أثار قلقاً واسعاً على المستويين المحلي والدولي، وينتظر المراقبون رد الحكومة الكندية والإجراءات التي قد تُتخذ لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية المحتملة. فهل سيتعين على كندا أن تعتاد على عقلية ترمب التجارية أو تواجهها؟

font change

مقالات ذات صلة