شعراء وروائيون كبار حلّوا ضيوفا على الشاشة الكبيرة

من ماياكوفسكي إلى سلمان رشدي

AFP
AFP
ستيفن كينغ في مهرجان تورونتو السينمائي.

شعراء وروائيون كبار حلّوا ضيوفا على الشاشة الكبيرة

أغلب من ظهر من الكتاب والشعراء في أفلام سينمائية، لا يتجاوز توقيت حضورهم السقف الزمني للقطات طويلة، أو مشاهد بدقائق معدودة. في الفئة الأولى نجد من هؤلاء الكتاب من تحولت روايته إلى فيلم سينمائي، فكان لا بد من أن وجوده في العمل على سبيل التشريف، في حضور رمزي، أشبه ما يكون بعلامة جمالية إما تضيف الى تجربة الفيلم، أو يقتصر التوظيف على تمثّل الأمر من باب الاستضافة التقديرية وأحيانا من باب الدعابة السوداء أو من باب خلق المفاجأة للمتلقي الذي يمتلك خلفية ثقافية حول الموضوع.

في الفئة الثانية، نجد من هؤلاء الكتاب من لا علاقة له بكتابة السيناريو، ولا حُوّلت روايته إلى فيلم سينمائي، ولكن حضوره في العمل جاء إما مصادفة، أو هو من دائرة أصدقاء المخرج الذي سيقنعه بمرور عابر كعبور طائر مهاجر على سطح بحيرة الفيلم، مما سيضفي على العمل أثرا فنيا خاصا، يتفرّد بطرافة الحضور، دورا طفيفا على سبيل المزحة اللامتوقعة، أو على سبيل الترميز المنذور لقراءة دالة ومتعدّدة.

ثم الفئة الثالثة من الكتاب الذين أُنجزت عنهم أفلام سير-ذاتية، فكان من الطبيعي أن يظهروا في لقطات أو مشاهد لتعزيز ثراء العمل لموافاته بين ما هو واقعي وما هو تخييلي، وفي هذا المنحى تَتْرَى العديد من الأفلام السينمائية إذا ما قورنت بأفلام الفئتين الأولى والثانية.

عن هاتين الفئتين، الأولى والثانية، يُعنى المقال برصد أهم التجارب الفيلمية التي شهدت حضور أقلية من الشعراء والكتاب العرب والعالميين، وظلّ حضورهم الرمزي هذا موشوما في ذاكرة الأثر السينمائي، لا كتوابل نكّهت الطبق الممتع للفيلم ولكن أيضا كعلامة أيقونية تحسب له، إذ استدرجت عين الكاميرا هؤلاء من منطقة عزلتهم الغامضة إلى منطقة الضوء الباهرة، فغدت أغلب هذه الأفلام ملازمة من حيث شهرتها لوجود هؤلاء الكتاب والشعراء في حيز ضئيل من تقاطع سيناريوهاتها، حدّ أن جاذبية ممثليها تراجعت خفيفا لصالح وجوه شعراء وكتاب.

فلاديمير ماياكوفسكي ويفغيني يفتوشينكو

قبل التطرّق الى الفئة الأولى والثانية، لا بد من أن نقف عند الاستثناء من الشعراء والكتاب الذين أدّوا أدوار بطولة وليس حضورا مكثفا وفق تجارب الكتاب الآخرين، والذي ينفرد به الشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي، إذ ظهر أول مرة في فيلم "الدراما في الملهى المستقبلي رقم 13" من إخراج فلاديمير كاسيانوف عام 1914، متقمّصا شخصية الشيطان من جهة، وشخصية الموت من جهة ثانية.

غدت أغلب هذه الأفلام ملازمة من حيث شهرتها لوجود هؤلاء الكتاب والشعراء في حيز ضئيل من تقاطع سيناريوهاتها


ثمّ كتب ماياكوفسكي سيناريو فيلم "السيدة الشابة والمشاغبين" المستوحى من قصة الكاتب الإيطالي إدموندو دي أمسيس تحت عنوان "معلم العمال"، وأدى دور بطولته الرئيسة في الآن ذاته، من إخراج يفغيني سلافينسكي 1918، كما كتب سيناريو فيلم "لم يولد من أجل المال" في السنة ذاتها 1918، استنادا إلى رواية "مارتن إيدن" للكاتب جاك لندن من إخراج نيكاندر توركين، وقد شخّص فلاديمير ماياكوفسكي دور الشاعر المستقبلي إيفان نوف في مقهى الشعراء.

Getty Images
فلاديمير ماياكوفسكي مع ملصقاته الدعائية.

ومن الشعراء اللافتين الذين أدوا أدوارا بطولية، بل أخرجوا العديد من الأعمال السينمائية إلى جانب كتابتهم للسيناريو، الشاعر الروسي يفغيني يفتوشينكو الذي أدى دور البطولة في أربعة أفلام، أهمّها على الإطلاق "جنازة ستالين"، من كتابته وإخراجه عام 1990.

يوكيو ميشيما وترومان كابوت ومانويل موخيكا لينيز

هناك أيضا تجربة تشخيص الكاتب الياباني يوكيو ميشيما لدور بطولة في فيلم قصير من كتابته وإخراجه معا باشتراك مع دموتو ماساكي 1966 تحت عنوان "الوطنية"، متقمصا شخصية الملازم تاكياما الذي ينتهي به المطاف منتحرا على طريقة السيبوكو، وفاء لرفاقه ولعظمة وطنه.

AFP
يوكيو ميشيما يلقي خطابا قبل انتحاره الاحتجاجي.

وممن أنجزوا دورا بطوليا من الروائيين ولم يكتف بحضور عابر في لقطة أو مشهد، صاحب رواية "بدم بارد"، ترومان كابوت، مشخصا دور ليونيل توين المدعو وآخرين إلى عشاء ممهور بجريمة قتل في فيلم Murder by death من إخراج روبرت مور في 1976.

وأيضا الكاتب الأرجنتيني مانويل موخيكا لينيز المعروف في الوسط الثقافي بلقب مانوتشو، وقد شارك في بعض الأفلام السينمائية كممثل، أشهرها فيلم "كوميديا روتا"، من إخراج أوسكار بارني فين عام 1978.

ستيفن كينغ وفونيغوت

في مقدمة من تحولت رواياتهم في الفئة الأولى إلى أفلام سينمائية، نجد الكاتب ستيفن كينغ الأكثر حضورا في تاريخ السينما، كمشارك في كتابة سيناريوهاتها وممثل لأدوار قصيرة، عابرة ولكن بأثر موشوم، إذ حضر كممثل في أكثر من 20 فيلما سينمائيا، فيما يبقى دوره الأكثر استطالة زمنيا 20 دقيقة، حين أدى شخصية رجل الريف جوردي فيريل في فيلم "مهرجان الرعب" من إخراج جورج روميرو عام 1982.

حضر ستيفن كينغ كممثل في أكثر من 20 فيلما سينمائيا، فيما يبقى دوره الأطول زمنيا في فيلم "مهرجان الرعب"


كذلك الروائي ك. فونيغوت الذي ألّف العديد من النصوص لصالح السينما ولم يكتف بذلك بل ظهر فيها ممثلا أيضا، خاصة في فيلم "إفطار الأبطال" من إخراج آلان رودولف عام 1999، استنادا إلى رواية دستوبية بالعنوان ذاته.

فضلا عن الشاعر والروائي تشارلز بوكوفسكي الذي يلوح في مشهد قصير داخل خمارة، في فيلم "ذبابة الحانة" ذي السيناريو المكتوب من طرفه، من إخراج بابربت شرودر 1987، وهو العمل الذي سيستاء من صدوره واستنادا إلى أثره السيئ كتب لاحقا سيرته الخاصة مع هوليوود في رواية سوداوية تحمل العنوان ذاته، وبعدها رفض بالقطع أن تتكيّف أعماله السردية مع السينما.

حضور عربي نادر

ضمن الفئة الثانية، يمكن الإشارة عربيا إلى أدوار الشاعر المصري صلاح جاهين في كل من أفلام: "اللص والكلاب" 1962 من إخراج كمال الشيخ، وفيلم "القاهرة 1966" من إخراج صلاح أبو سيف، وفيلم "الوداع يا بونابرت" 1985 من إخراج يوسف شاهين.

AFP
أحمد فؤاد نجم مشاركا في تجمع معارض.

في مصر أيضا نصادف دورا نادرا للشاعر أحمد فؤاد نجم في فيلم "شباب على الهواء" عام 2002 من إخراج عادل عوض.

AFP
إدوارد سعيد في مكتبه.

ولا نغفل دورا آخر للمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد في فيلم "الآخر" 1999 من إخراج يوسف شاهين، إذ يلوح صاحب كتاب "الاستشراق" في مشهد داخل مكتبه في جامعة كولومبيا الأميركية، مقدما وجهة نظره في مسألة أو قضية التعايش مع الآخر.

يؤدي سلمان رشدي دورا قصيرا لطبيب توليد يدعى الدكتور ماساني في فيلم "ثم وجدتني"


وفي المغرب يسجّل الروائي المغربي محمد زفزاف حضوره اللاذع في فيلم "أحداث بلا دلالة" للمخرج مصطفى الدرقاوي عام 1974، في تحقيق يشمل شرائح اجتماعية ومشارب ثقافية مختلفة، سُئِل على ناصية الشارع عن وجهة نظره حول السينما المغربية التي يريدها ملتزمة لا تجارية ومبهرجة.

وليام بوروز وسلمان رشدي

بالإضافة إلى صاحب رواية "الغذاء العاري"، الكاتب وليام إس بوروز الذي شخّص ثلاثة أدوار في ثلاثة أفلام هي على التوالي: دوره اللامع في فيلم "صيدلية راعي البقر" 1989، من إخراج جون فان سانت. وفي السنة ذاتها ساهم بدور في فيلم "بلادهاونس أوف برودواي" 1989 من إخراج هوارد بروكنر- ثم فيلم "الأعاصير" 1996 من إخراج جان دي بونت.

AFP
سلمان رشدي في معرض فرانكفورت للكتاب.

أما سلمان رشدي فيؤدي دورا قصيرا لطبيب توليد يدعى الدكتور ماساني في فيلم "ثم وجدتني" من إخراج هيلين هنت 2007.

دون نسيان الشاعرة الروسية بيلا أحمدولينا في الدور الذي لعبته كمراسلة صحافية الذي اختاره لها المخرج والكاتب والممثل فاسيلي شوكشين في فيلم "هناك يعيش مثل هذا الرجل" الصادر عام 1964.

font change

مقالات ذات صلة