أغلب من ظهر من الكتاب والشعراء في أفلام سينمائية، لا يتجاوز توقيت حضورهم السقف الزمني للقطات طويلة، أو مشاهد بدقائق معدودة. في الفئة الأولى نجد من هؤلاء الكتاب من تحولت روايته إلى فيلم سينمائي، فكان لا بد من أن وجوده في العمل على سبيل التشريف، في حضور رمزي، أشبه ما يكون بعلامة جمالية إما تضيف الى تجربة الفيلم، أو يقتصر التوظيف على تمثّل الأمر من باب الاستضافة التقديرية وأحيانا من باب الدعابة السوداء أو من باب خلق المفاجأة للمتلقي الذي يمتلك خلفية ثقافية حول الموضوع.
في الفئة الثانية، نجد من هؤلاء الكتاب من لا علاقة له بكتابة السيناريو، ولا حُوّلت روايته إلى فيلم سينمائي، ولكن حضوره في العمل جاء إما مصادفة، أو هو من دائرة أصدقاء المخرج الذي سيقنعه بمرور عابر كعبور طائر مهاجر على سطح بحيرة الفيلم، مما سيضفي على العمل أثرا فنيا خاصا، يتفرّد بطرافة الحضور، دورا طفيفا على سبيل المزحة اللامتوقعة، أو على سبيل الترميز المنذور لقراءة دالة ومتعدّدة.
ثم الفئة الثالثة من الكتاب الذين أُنجزت عنهم أفلام سير-ذاتية، فكان من الطبيعي أن يظهروا في لقطات أو مشاهد لتعزيز ثراء العمل لموافاته بين ما هو واقعي وما هو تخييلي، وفي هذا المنحى تَتْرَى العديد من الأفلام السينمائية إذا ما قورنت بأفلام الفئتين الأولى والثانية.
عن هاتين الفئتين، الأولى والثانية، يُعنى المقال برصد أهم التجارب الفيلمية التي شهدت حضور أقلية من الشعراء والكتاب العرب والعالميين، وظلّ حضورهم الرمزي هذا موشوما في ذاكرة الأثر السينمائي، لا كتوابل نكّهت الطبق الممتع للفيلم ولكن أيضا كعلامة أيقونية تحسب له، إذ استدرجت عين الكاميرا هؤلاء من منطقة عزلتهم الغامضة إلى منطقة الضوء الباهرة، فغدت أغلب هذه الأفلام ملازمة من حيث شهرتها لوجود هؤلاء الكتاب والشعراء في حيز ضئيل من تقاطع سيناريوهاتها، حدّ أن جاذبية ممثليها تراجعت خفيفا لصالح وجوه شعراء وكتاب.
فلاديمير ماياكوفسكي ويفغيني يفتوشينكو
قبل التطرّق الى الفئة الأولى والثانية، لا بد من أن نقف عند الاستثناء من الشعراء والكتاب الذين أدّوا أدوار بطولة وليس حضورا مكثفا وفق تجارب الكتاب الآخرين، والذي ينفرد به الشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي، إذ ظهر أول مرة في فيلم "الدراما في الملهى المستقبلي رقم 13" من إخراج فلاديمير كاسيانوف عام 1914، متقمّصا شخصية الشيطان من جهة، وشخصية الموت من جهة ثانية.