بيروت - بعد ثلاثة عشر شهرا من الحرب، وبدء أكثر من 1.2 مليون لبناني مهجّر العودة إلى بلداتهم وقراهم المدمرة، يمتزج شعور الارتياح بانتهاء أحدث جولات الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" مع أمل حذر في إمكانية إيجاد مسار للخروج من دوامة الحروب المتكررة وانهيار مؤسسات الحكم والاقتصاد في لبنان. فما هي معالم هذا المسار المحتمل؟ وما الذي يتعين على اللبنانيين تحقيقه في الأسابيع المقبلة؟ وكيف يمكن لأصدقاء لبنان في المنطقة وحول العالم المساعدة في تحويل هذه الأزمة الأخيرة إلى فرصة؟
أولا، يجب التركيز على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار. على الجانب اللبناني، يعني ذلك أن على "حزب الله"– أو قل إيران– الالتزام بتعهداته بالانسحاب من النقاط الواقعة جنوب نهر الليطاني وعدم التخطيط للعودة إليها. كما يتعين على الجيش اللبناني– بخلاف ما حدث في عام 2006– أن يتحمل مسؤولياته كجيش وطني يحمي أمن البلاد وسيادتها، وأن يكون حازما في ضمان بقاء "حزب الله" خارج تلك المنطقة.
ثمة مؤشرات على أن "حزب الله" وإيران يدركان الحاجة إلى عدة سنوات من الهدوء لترميم جراحهما وإعادة بناء هيكل القيادة لـ"الحزب" وإعادة النظر في استراتيجياتهما العامة. وبالتالي يمكن بالفعل أن يلتزما بالاتفاق، على الأقل في المستقبل القريب. وقد بدأ الجيش، المدعوم بتفويض سياسي وشعبي واسعين، في التحرك بالفعل نحو الجنوب. بيد أن الجيش يعاني من نقص شديد في التمويل والعتاد، ويحتاج بالتالي إلى دعم عاجل من أصدقاء لبنان الإقليميين والدوليين. ويجب أيضا مساعدة القوى الأمنية اللبنانية في تعزيز سيطرتها على مطار بيروت والموانئ البحرية والحدود البرية، لضمان عدم تمكن أي جماعة مسلحة غير حكومية في لبنان من استيراد الأسلحة بشكل غير قانوني.
وهنالك أولوية أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، وهي ضرورة توفير المساعدات الإنسانية والإغاثية وإعادة الإعمار لأكثر من 1.2 مليون لبناني مهجر لتسهيل عودتهم إلى ديارهم. ومن الضروري أن يدرك هؤلاء المهجرون أن الدولة اللبنانية، ومعها أصدقاء لبنان في المنطقة والعالم، هي من ستعتني بهم وتساعدهم في إعادة بناء حياتهم. ولا بد من تجنب تكرار خطأ عام 2006، حين استطاع "حزب الله" وإيران إعادة تسويق نفسيهما كداعمين للمتضررين، على الرغم من كون "حزب الله"– بتصرفاته– السبب المباشر في اندلاع الحرب التي أدت إلى تهجيرهم في يوليو/تموز 2006. وفي هذا السياق، ستكون استعادة ثقة هؤلاء الذين شعروا بالإهمال من قبل الدولة والمجتمع الدولي في تلك الجولة أمرا بالغ الأهمية اليوم، لأنهم يستحقون هذا الدعم وأكثر.