"المجلة" في حلب... ما الفصائل المشاركة في المعركة؟ لماذا وسعت أهدافها؟

انهيار سريع لقوات دمشق يفاجئ المقاتلين

(أ.ف.ب)
(أ.ف.ب)
مقاتلون من "هيئة تحرير الشام" وفصائل موالية قرب قلعة حلب في 30 نوفمبر

"المجلة" في حلب... ما الفصائل المشاركة في المعركة؟ لماذا وسعت أهدافها؟

انهارت قوات دمشق والميليشيات الإيرانية بشكل مفاجئ في شمال سوريا ووسطها، عقب إطلاق "هيئة تحرير الشام" وفصائل أخرى عملية عسكرية جديدة أطلق عليها اسم "ردع العدوان".

وجال موفد "المجلة" في حلب بعدما، بسطت الفصائل سيطرتها على حلب شمال سوريا وتوغلت في وسط حماة عقب مواجهات محدودة وإنسحابات كبيرة لقوات دمشق من هاتين المحافظتين.

فما أهم الفصائل المشاركة؟ وما عدد العناصر؟ ولماذا غيرت أهدافها؟ وما مساحة المناطق التي تسيطر عليها حاليا؟

مساء يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن القائمون على إدارة العمليات العسكرية التابعة لفصائل المعارضة وأبرزها "هيئة تحرير الشام"، بسط السيطرة والنفوذ على كامل مدينة حلب، التي تبعد 310 كيلومترات عن العاصمة السورية دمشق، ضمن عملية عسكرية أُطلق عليها "ردع العدوان"، ضد قوات دمشق والوجود الإيراني في المنطقة.

العملية العسكرية للمعارضة، كسرت في يومها الأول من انطلاقها في 27 نوفمبر الخطوط الدفاعية لقوات دمشق وإيران وسقوط الفوج 46 الذي كان يعد ترسانة النظام العسكرية المتقدمة من خطوط التماس مع مناطق المعارضة عقب اشتباكات عنيفة خسر فيها الطرفان نحو 200 عنصر بين قتيل وجريح.

لم تقف عملية "ردع العدوان" عند حدود أحياء مدينة حلب السكنية والتي تبلغ مساحتها 190 كيلومترا مربعا، ولكن واصلت فصائل المعارضة المقاتلة تقدمها باتجاه مطارها الدولي الذي يبعد نحو 10 كيلومترات شرقها، عقب مواجهات عنيفة مع قوات دمشق والميليشيات الإيرانية والمحلية المساندة والتي أفضت إلى انسحاب الأخيرة نحو منطقة السفيرة 30 كيلومترا جنوب شرقي مركز مدينة حلب، حيث معامل الدفاع ومستودعات النظام العسكرية، وتعلن بعدها المعارضة أن محافظة حلب ومطارها الدولي خاضعان تماما لسيطرة المعارضة.

وفي الوقت الذي جرت فيه مواجهات عنيفة بين الفصائل من جهة، وقوات دمشق والميليشيات الإيرانية داخل مدينة حلب وشرقها من جهة ثانية، قبيل الإعلان عن السيطرة عليها بالكامل، كانت فصائل أخرى معارضة تتقدم في الأجزاء الجنوبية والشرقية في محافظة إدلب، وتمكنت من بسط نفوذها على مدن "معرة النعمان وكفرنبل والجزء الجنوبي في جبل الزاوية، والجزء الشرقي من محافظة إدلب، مع قطع الطريق الدولي حلب- دمشق (إم 5) لتتمدد بعد ذلك إلى داخل محافظة حماة وسط سوريا، وتحكم المعارضة سيطرتها على الجزء الشمالي والغربي والشرقي من محافظة حماة، مع دخول الاشتباكات إلى داخل أسوار محافظة حماة، في الوقت نفسه رصدت المعارضة انسحابا كبيرا لقوات دمشق من مواقعها العسكرية على أسوار مدينة حماة ومطارها العسكري نحو محافظة حمص، مما سهل على فصائل المعارضة التقدم نحو مركز مدينة حماة والإعلان عن السيطرة الكاملة على المدينة.

تأتي في مقدمة الفصائل المشاركة "هيئة تحرير الشام" ذات الثقل العسكري في عدد المقاتلين والعتاد والتي تتخذ من إدلب معقلا لها

قيادي في إدارة العمليات العسكرية التي تدير عملية "ردع العدوان" (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، صرح بأن في مقدمة الفصائل المشاركة في العملية، "هيئة تحرير الشام" ذات الثقل العسكري في عدد المقاتلين والعتاد والتي تتخذ من إدلب معقلا رئيسا لها، ويأتي بعدها "جيش العزة" المستقل، و"جيش النصر"، وفصائل أخرى منضوية تحت راية "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، وهي "القوة المشتركة"، ومقاتلون من "الزنكي" و"الجبهة الوطنية للتحرير".
وأوضح القيادي، أن "نحو 40 ألف مقاتل من المعارضة يشاركون في العملية القتالية ضد قوات النظام في ميادين المواجهة سواء في حلب أو في إدلب أو في محافظة حماة، بينما هناك نحو 80 ألف مقاتل احتياطي للفصائل، وكل هؤلاء المقاتلين تلقوا تدريبات عسكرية بمختلف أشكالها سواء في فنون القتال والمواجهة أيضا على كيفية التعامل مع الظروف واستخدام الأسلحة والتدريب على كيفية الانخراط في المعارك مع قوات النظام وحلفائه".

(رويترز)
سوريون يسيرون قرب تمثال لحصان بعد إسقاط تمثال باسل حافظ الأسد وسط حلب في 29 نوفمبر

لماذا لم تشارك كل فصائل "الجيش الوطني السوري" المدعوم من أنقرة في العملية؟

عقب يوم من إطلاق عملية "ردع العدوان"، دعت تركيا فصائل "الجيش الوطني السوري" ضمن مناطق نفوذها في شمال حلب، إلى اجتماع طارئ وعلى نحو سري. وتحدث أحد القادة في الجيش الوطني لـ"المجلة" عن أنه جرى خلال الاجتماع اتفاق مع الجانب التركي لإطلاق عملية عسكرية ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في محافظة حلب، بالتوازي مع عملية "ردع العدوان" في غرب حلب وإدلب، لدحر قوات "قسد" من المناطق الخاضعة في حيي الأشرفية والشيخ مقصود في القسم الشمالي من مدينة حلب وفي  تل رفعت ومنبج بريف حلب الشمالي.
ورجح القيادي، أنه قد لن تحصل معركة بين "الجيش الوطني السوري" وتركيا من جهة و"قسد" من جهة ثانية، وقد تنسحب الأخيرة دون قتال بعد أن باتت مطوقة تماما بفصائل "ردع العدوان" عقب سيطرتها على مدينة حلب كاملة و"الجيش الوطني السوري" من الجهة الشمالية من ريف حلب.

سيطرت الفصائل في مناطق حلب وريف إدلب الجنوبي ومحافظة حماة على عشرات مخازن السلاح

قال العقيد مصطفى بكور، وهو قيادي في غرفة عمليات "الفتح المبين" للمعارضة، وقيادي في إدارة العمليات العسكرية الحالية ضمن عملية "ردع العدوان": "عثرت الفصائل خلال تحريرها لمواقع قوات النظام في مناطق حلب وريف إدلب الجنوبي ومحافظة حماة على عشرات المستودعات من الأسلحة والذخائر بكميات كبيرة تسمح للمقاتلين وفصائل المعارضة بتوسيع المعارك مع قوات النظام حتى العاصمة السورية دمشق، ومن بين تلك الذخائر صواريخ أرض-أرض قصيرة المدى، وصواريخ من طراز كورنيت، وكميات كبيرة من صواريخ غراد، فضلا عن الكميات الكبيرة من قذائف الدبابات والذخائر المتوسطة والخفيفة".

(أ.ف.ب)
مقاتلون من "هيئة تحرير الشام" وفصائل موالية فوق دبابة استولوا عليها من الجيش السوري في 30 نوفمبر

كيف تحولت أهداف عملية "ردع العدوان" من إبعاد قوات دمشق والميليشيات الإيرانية عن خطوط التماس إلى السيطرة على 3 محافظات سورية بينها حلب ثاني كبرى المدن السورية؟
يجيب العقيد مصطفى بكور : "بعد كسر الخطوط الدفاعية للنظام التي أنشأها على مدار سنوات عديدة (عقب تقدم قواته عام 2019، إلى حدود محافظة حلب الغربية وإدلب الجنوبية)، خلال عملية (ردع العدوان) والتي كان هدفها إبعاد قوات النظام عن خطوط التماس ووقف استهدافها للمدنيين، سرعان ما كشفنا انهيارا كبيرا معنويا وعسكريا في صفوف قوات النظام، مما أفسح الطريق أمام قواتنا للتقدم نحو أهداف جديدة، وباتت مدينة حلب هدفا رئيسا للعملية وبعدها أرياف إدلب الجنوبية ومحافظة حماة".

تقدر المساحة الجغرافية التي سيطرت عليها قوى المعارضة في عملية "ردع العدوان" على نحو 1200 كيلومتر مربع

دفعت "حكومة الإنقاذ" السورية كوادرها في الشأن الإنساني، مثل وزارة التنمية والشؤون الإنسانية ووزارة الصحة و إدارات أخرى كالنظافة والكهرباء، إلى مدينة حلب بعد يوم من تحريرها، لتقييم الوضع الإنساني هناك وتقديم خدماتها الإنسانية المتاحة للمواطنيين، إلى جانب تقييم الوضع الصحي في المشافي داخل مدينة حلب مع نشر مفارز عسكرية وأمنية لضبط الأمن في المدينة ومنع حدوث أي فوضى أو انفلات أمني، وذلك وفقا لناشطين في محافظة حلب.

 

1200 كيلومتر مربع

ويأتي ذلك في وقت بدأت فيه مئات العائلات الحلبية النازحة من منازلها- بعضها منذ 10 أعوام- بالعودة إلى مدينة حلب وسط حالة من الفرح والسعادة والشوق، في حين يقدر عدد النازحين من مدينة حلب فقط بنحو 800 ألف مدني.
وتقدر المساحة الجغرافية التي سيطرت عليها قوى المعارضة في عملية "ردع العدوان" بنحو 1200 كيلومتر مربع وتشمل هذه المساحة محافظة حلب عدا الريف الشرقي منها والجزء الجنوبي لمحافظة إدلب مع مدينة حماة وأجزاء من أريافها الشمالية والشرقية.
في حين وصل عدد القرى التي سيطرت عليها المعارضة خلال العملية إلى نحو 430 بلدة وقرية ومدينة بعضها واقع على الطريق الدولي بين حلب ودمشق (إم 5) ومنها مدن سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون بريف إدلب، ومدن مورك وصوران بريف حماة، وبذلك يصبح نحو ثلث سوريا خاضعاً لسيطرة المعارضة السورية.

font change

مقالات ذات صلة