مرصد كتب "المجلة"... جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية

مرصد كتب "المجلة"... جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية

نتعرّف من خلال هذه الزاوية إلى أحدث إصدارات الكتب العربية، في الأدب والفلسفة والعلوم والتاريخ والسياسة والترجمة وغيرها. ونسعى إلى أن تكون هذه الزاوية التي تطلّ كلّ أسبوعين مرآة أمينة لحركة النشر في العالم العربي.

الكتاب: اختراع الكتب اللامتناهي في بَرديّة

الكاتب: إيريني باييخو

المترجم: مارك جمال

الناشر: دار الآداب – لبنان

كتاب من نوع فريد، يبحث في الكلمة منذ أن كانت شفوية يحفظها الناس في ذاكرتهم، إلى أن اخترع الإنسان الكتابة ومن ثم الكتب لتُحفظ فيها. تقتفي الكاتبة الإسبانية إيريني باييخو آثار الكتاب خطوة خطوة بدءا من مكتبة الإسكندرية التي خلقت "موطنا من ورق لأناس لا موطن لهم"، ثم تعود إلى مكتبات مصر القديمة وبلاد الرافدين وفينيقيا واليونان وروما وغيرها... لتُظهر أشكال التدوين الأولى وأشكال الأبجدية الأولى وظهور الكتاب منذ أن كان في الألواح ثم إلى البرديات وإلى الجلد فالورق فالكتاب الإلكتروني... عبر رحلة شديدة الثراء وغنية بالمعلومات على نحو كبير للغاية. تقول الكاتبة في كتابها هذا "اختراع الكتب - اللامتناهي في بَرديّة" الذي ترجمه مارك جمال:

"على رفوف المكتبات ترقد كتب وُضعت في بلدانٍ يعادي بعضها بعضا، بل في حالة حربٍ أيضا. كتب في التصوير الفوتوغرافي وتفسير الأحلام. مقالاتٌ عن الميكروبات أو المجرات. السيرة الذاتية لجنرال إلى جوار مذكرات هارب من العسكرية. عمل متفائل لمؤلف أساء القرّاء فهمه، وعمل قاتم لمؤلف ناجح. ومدونات كاتبة رحالة إلى جوار الأجزاء الخمسة التي احتاج إليها كاتب كثير الجلوس حتى يحكي أحلام يقظته بأدق التفاصيل. كتاب طُبع البارحة إلى جوار كتاب أتم عامه العشرين منذ قليل. هناك لا تُعرف الحدود الزمنية ولا الجغرافية. وفي النهاية كلنا مدعو إلى الدخول: الأجانب منا والمحليون، أصحاب النظارات وأصحاب العدسات، الرجال الذين يضمون شعرهم، والنساء اللاتي يستخدمن ربطة العنق. المكتبة أشبه باليوتوبيا".

مُدح الكتاب كثيرا إبان صدوره للمرة الأولى، فقد قال عنه ماريو بارغاس يوسا إنه "تحفة فنية"، فيما أطلق عليه ألبرتو مانغويل إنه "بحث ساحر"، و"أغنية عظيمة في حب الكتب" وكذلك هو "أنشودة في حب الكتب" بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

قال عنه ماريو بارغاس يوسا إنه "تحفة فنية"، فيما أطلق عليه ألبرتو مانغويل إنه "بحث ساحر"، و"أغنية عظيمة في حب الكتب"


يقول الناشر على غلاف الكتاب إنه فور صدوره سرعان ما حقق نجاحا مدويا وأصبح ظاهرة أدبية في شتى أرجاء العالم، فصدر منه ما يربو على الخمسين طبعة باللغة الإسبانية وحدها، كما تُرجم إلى أربعين لغة، وحصدت مؤلفته عددا كبيرا من الجوائز المرموقة. كما يشبّهه بكتاب "ألف ليلة وليلة" لكنه يحكي عن الكتب والكتابة.

الكتاب: خطّاب راهنا – دراسة في شعر عبد اللطيف خطاب (1959 – 2006)

الكاتب: حامد بن عقيل

الناشر: دار ريادة – السعودية

إنه لأمر لافت أن يقوم كاتب سعودي بتأليف كتاب عن شاعر سوري غير معروف إلا على نطاق ضيق، ولم ينشر في حياته إلا ديوانا شعريا واحدا هو "زول أمير شرقي" (1990)، ونُشر ديوان آخر له بعد رحيله بثمانية عشر عاما هو "الغرنوق الدنف" (2024). إن تأليف كتاب عنه ونشره في دار نشر سعودية أيضا ينطوي على دلالات مشحونة ببعد إيجابي وبتقدير من نوع خاص، تعيد الشاعر إلى الحياة، وإلى أسرته، وتعيد القراء إلى قراءته، وأصدقاءه إلى تذكره. تضمن كتاب "خطّاب راهنا – دراسة في شعر عبد اللطيف خطاب" للكاتب حامد بن عقيل نماذج من شعر الراحل وسيرة موجزة عنه.

عرض الكاتب في الفصل الثاني لنظرية "المقدرة الأدبية" لمايكل ريفاتير، وهو المنظّر الأدبي الذي درس الأسلوبية وقدّم معايير يمكن عبرها دراسة النص الأدبي وفق منهج صارم، واختار عقيل أن يدرس شعر خطاب انطلاقا من تلك النظرية، أي أنه طبّق منهج ريفاتير الأسلوبي الواضح على دراسة شعر خطاب، وهذا ما نأى بدراسته عن أن تتحول إلى قراءات انطباعية وعاطفية. لذلك اعتنى الكاتب بشكل خاص بدراسة لغة الشاعر وخطابه، أي ما أراد قوله، والتلقي المحتمل لقصيدته.

يرى الناقد أن الشاعر أعاد "كتابة الصور الذهنية المتوارثة، وأعاد كتابة السردية التاريخية التي تروي تاريخها لتتخلّص منه". وأن لغته تجاوزت كل أطر الشعر وتنظيراته سواء "في المفردات التي تشبه فوهة تبتلع العدم لتؤثث وجودا جديدا ومختلفا"، وأن "صوره تنقلب على مضامينها بدءا من المقدّس وليس انتهاء بالشعري"، وأن الشاعر "يضع قارئه أمام عالم ما وراء اللغة"، ويستند في تفسير ذلك الى ما يقوله الناقد الشهير باختين في مقولته "عبر اللسان"، التي تعتبر "أنه "من خلال التلفظ لا بد أن يقدم موضوعا لاستعلام على لغةٍ جديدة، وهذا، تماما، ما يقترحه خطّاب في منجزه الشعري الذي تجاوز الأطر، لا بتحطيمها، بل بخلق عالم شعري موازٍ".

اعتنى الكاتب بشكل خاص بدراسة لغة الشاعر وخطابه، أي ما أراد قوله، والتلقي المحتمل لقصيدته


 وهو "إذ يقدم تجربته الشعرية لقارئه بحلة جديدة غير معهودة، فإنه يقترح عليه أن يشاركه في استكمال بناء المعنى، متخلصا من التقعيد الشعري الذي غُذي به المتلقي العربي" عبر عقود من الدراسة والكتب.

الكتاب: الترجمة والآخر

الكاتب: عزيز العرباوي

الناشر: مركز الدراسات والنشر بدائرة الثقافة بالشارقة – الإمارات العربية المتحدة

عبر محاور عديدة يؤكد الكاتب المغربي عزيز العرباوي أهمية الترجمة في العلاقة بين الشعوب، إن على المستوى الثقافي أو السياسي أو الديني وغيرها، وذلك في كتابه الموسوم "الترجمة والآخر". فالشعوب لم يتعرف بعضها إلى بعض على نحو عميق إلا عبر الترجمة، والأمم نهضت عبر ترجمتها تراث ومعارف وعلوم الأمم الأخرى، فمثلما أن اليونانيين ترجموا معارف الأمم السابقة والمعاصرة لها كالحضارتين الفارسية والمصرية القديمة، كذلك ترجمت الحضارة العربية الإسلامية كتب اليونانيين والهنود والفرس، ولنا مثل حديث بترجمة أوروبا تراث المسلمين عامة وتراثهم الأندلسي بشكل خاص، وهكذا تقوم الشعوب والأمم على تراث بعضها بعضا، فما حصل لحضارة ما عبر الترجمة، حصل للحضارات جميعها، الأمر الذي يؤكد أن لا علاقة سليمة بين الشعوب والأمم والثقافات إلا عبر الترجمة، فهي التي تعرّفنا ليس الى الآخر فحسب، بل الى أنفسنا.

قسّم الكاتب مؤلفه ثلاثة فصول، ينطوي كل منها على محاور عدة تعرّف القارئ الى محتوى الكتاب ومقولته. في الفصل الأول تطرق إلى موضوع الترجمة وتطور اللغة العربية من خلال الحديث عن مساهمة الغرب في ترجمة القرآن الكريم، والترجمة وتطور العربية، والترجمة وتعلم اللغات الأخرى، والحضارة العربية الإسلامية وتأثيرها في الثقافة الغربية، والترجمة في عصر النهضة حيث تطورت على نحو ساهم في تقريب فكر وعلوم الغرب إلى القارئ العربي.

وتطرق في الفصل الثاني إلى علاقة الترجمة بالتعريب، عبر التعريب العلمي، والتعريب والتغريب، والترجمة والفلسفة، وترجمة النصوص الأدبية.

أما الفصل الثالث فعالج موضوع الترجمة والحوار مع الآخر من خلال: الاختلاف الثقافي والحضاري، والمستوى الحضاري للترجمة، والترجمة والانفتاح على الآخر، والترجمة في ظل علاقة الذات بالآخر، والذات في مرآة الآخر، والترجمة والمثاقفة.

لا علاقة سليمة بين الشعوب والأمم والثقافات إلا عبر الترجمة، فهي التي تعرّفنا ليس الى الآخر فحسب، بل الى أنفسنا

قال الكاتب في مقدمته: "تشكل الترجمة مجالا خصبا لتحريك عجلة التفاعل الثقافي بين الشعوب وأمم العالم قاطبة دون الوقوف على الخلافات السياسية والدينية المرتبطة أساسا بمدى قناعة كل طرف، على حدة، برأيه وموقفه من القضايا السياسية العالمية"، ودعا المثقفين والكتاب إلى تجاوز تلك الخلافات وإزالة الحواجز بين الشعوب والأمم، وإن الترجمة تساهم في ذلك كثيرا.

الكتاب: سامراء العمرانية: قراءة في عمارة الحاضرة العباسية وتخطيطها

الكاتب: د. خالد السلطاني

الناشر: دار الأديب – الأردن

هذا كتاب ضخم يحكي بالنص والصورة عن عمران مدينة سامراء، الحاضرة العباسية الشهيرة والتاريخية، كتبه المعمار والباحث د. خالد السلطاني تحت عنوان "سامراء العمرانية: قراءة في عمارة الحاضرة العباسية وتخطيطها". يحكي فيه ليس عن العمران من وجهة هندسية فحسب، بل عن البيئة الاجتماعية والتاريخية، والسياسية أيضا، التي حدث فيها العمران، بل يمكن القول إنه نتج منها. وقد استفاد الباحث من الدراسات الحديثة في الفن والفلسفة وغيرها -كالدال والمدلول في فلسفة اللغوي سوسير والعلاقة بينهما- لمعرفة المزيد عن تلك المرحلة العمرانية. يمشي الكتاب بالتوازي بين النص المكتوب والصورة، إذ أن للصورة أهمية الكتابة ذاتها. فيقول إنه أولى الجانب التصويري أهمية خاصة لما له من أثر وضرورة في هذا النوع من التآليف. واعتمد على تصويره الشخصي كما على تصوير الفوتوغرافي رشيد الصوفي ومنه استقى لوحة الغلاف. كما اعتمد على مخططات للمدينة عامة وتفصيلية، واعتبر أن حضورها يوازي أيضا حضور النص المكتوب.

أرجع الباحث كلمة سامراء إلى أصولها الأولى وهي مأخوذة من تعبير "سرّ من رآكِ" وعنون فصلين من كتابه بهذا التعبير. الفصل الثاني: سُرّ من رآكِ – التأسيس والتخطيط، والفصل الثالث: سُرّ من رآك – دار الخلافة.

وكي نتعرف إلى طريقة عمل الكاتب د. السلطاني، يمكن الإشارة إلى مجادلته في أسباب الارتفاع الشاهق لمئذنة -ملوية- الجامع الكبير في سامراء الذي ينوف عن 53 مترا، ولم يرَ في المراجع لتفسير ذلك شيئا، الأمر الذي وصفه بـ"الصمت المرجعي". إلا أنه لحظ عبارة لدى البلاذري في كتابه "فتوح البلدان"، وهي: "يُنظر إليه من فراسخ" أي أنه يمكن التعرف على الجامع وسط العمران الكثيف عن بعد، وقد تبنى هذا التفسير، ولم يجد غيره لدى الباحثين الذين اكتفوا بتعابير الدهشة والذهول من جماليتها وارتفاعها.

اعتبر الكاتب أن مهمة تأليف هذا الكتاب من المهام العلمية الجوهرية ضمن اهتماماته المهنية الخاصة بقراءة منجز العمارة الاسلامية قراءة علمية ومنصفة، وتبيان تأثيراتها الإيجابية على مجمل مسار العمارة المهني.

عمرانية سامراء أغنت بمنجزها المهني الحصيف منتج العمارة الاسلامية بأساليب وأفكار رائدة وغير مسبوقة في آن


حيث أن عمرانية سامراء أغنت بمنجزها المهني الحصيف منتج العمارة الاسلامية بأساليب وأفكار رائدة وغير مسبوقة في آن، وأضافت الكثير الى منتج العمارة العالمية. وقد صارت النجاحات الحضرية والتكوينية لهذه الحاضرة العباسية موضوعا حاضرا في تأويل وتفسير كثر من معماريي العالم باختلاف أزمانهم وبتعدد إثنياتهم المتباينة ومواقع وجودهم الجغرافي المتنوع.

الكتاب: ما الجندر؟ مقاربات سوسيولوجية

الكاتبة: ماري هولمز

المترجم: د. مازن مرسول محمد

تقديم: عمرو بسيوني

الناشر: ابن النديم للنشر والتوزيع/ دار الروافد الثقافية – ناشرون - لبنان

عبر الكثير من التفاصيل حول مفهوم الجندر وعلاقته بالمجتمعات وكيف نظّر له علم الاجتماع وسوى ذلك من مقاربات معمّقة، تقدم الكاتبة ماري هولمز كتابها "ما الجندر؟ مقاربات سوسيولوجية"، الذي ترجمه د. مازن مرسول محمد، ليكون مرجعا مهما في هذا النوع من الدراسات الثقافية التي لم تتوقف عن الظهور على المستوى العربي كما على المستوى العالمي، لما لها من أهمية، خاصة في التعريف بالعلاقة بين الرجل والمرأة داخل المجتمع.

ثمة اختلاف بين مفهومي الجندر والجنس، من حيث أن الأخير هو الفروق البيولوجية: ذكر، أنثى... أما الجندر فهو الفروق التي تؤسسها الأدوار الاجتماعية والثقافية المنوطة بهما، لذلك يُطلق عليه تعبير "النوع الاجتماعي"، وليس البيولوجي.

ورد في تقديم الكتاب أن العديد من النسويات يرين أن الثقافة البشرية صيغت بطريركيا منذ نشأتها، فأعلت من شأن الرجال وجعلت لهم "اليد الطولى بكل شيء، وجعلت الإناث نساء أيضا وفق اعتبارات اجتماعية ويأتين بالمرتبة الثانية" بعد الرجال.

يمكن ملاحظة أن ثمة وجهة نظر نقدية في تقديم الكتاب من حيث أن المقدم يرى أن السرديات المؤلفة تبدو "محاولات لإقناعِ البشرية بأن الأُنوثة بحاجة إلى أن تُصاغ وفق مسارات أُخرى غير المسارات المتبعة سابقا وحاليا، إلا إنها في واقع الأمر تفصيلات لما مرت به الأُنوثة وكيف تشكلت وأُريد لها أن تكون بهذه الصورة".

حاول الكتاب كشف النقاب عن ملابسات ثقافية كوّنتها العصور البشرية لكيان المرأة، لإظهار جبرية الحياة المودعة فيها


ويتابع أن الكاتبة تتقصى "كينونة الأمر وهو ما الجندر وهل هو مصاغ حياتيا، وعلاقته بالأجساد وتداخلاته مع تركيبات الأنوثة والذكورة، ولماذا وما مدى اختلاف النساء والرجال، وعلى أي أسس تم ذلك، والفوارق التي وضعتها البيئة الاجتماعية بتراكيبها ومنظوماتها الثقافية، واستنطاق سياسة الجندر ذاتها وعلاقته بالطبقة والعرق؟".

ثم يبدي رأيه بأن الجندر "لم يكن شيئا واضحا جدا، فهو صنيعة تواشجات اجتماعية عدة تُرجمت لما نراه اليوم. وحاول هذا الكتاب كشف النقاب عن ملابسات ثقافية كوّنتها العصور البشرية لكيان المرأة، لإظهار جبرية الحياة المودعة فيها من خلال لي عنق كينونتها وإلباسها لباس الدونية والضعف والانكسار". 

font change


مقالات ذات صلة