تعقد قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية- الدورة الخامسة والأربعين، في الكويت، أول ديسمبر/كانون الأول، في ظل أوضاع عالمية مضطربة ومستجدات صعبة في كثير من دول العالم الرئيسة.
وقد تأسس مجلس التعاون الخليجي في مايو/أيار 1981 من أجل تحقيق الأمن والسلام في المنطقة بعد نجاح الثورة في إيران وبداية النزاع بين العراق وإيران ونشوب الحرب العراقية- الإيرانية في سبتمبر/أيلول 1980.
وتظل المسائل الأمنية ذات أهمية لدول مجلس التعاون، لكن قادة المجلس أقروا في قممهم على مدى السنوات والعقود الماضية كثيرا من الاتفاقات المتعلقة بالشؤون الاقتصادية والتعليمية وحقوق الأفراد في بلدان المنطقة. وتحققت إنجازات من خلال كثير من الاتفاقات التي أقرت، ومنها اتفاقية الوحدة الجمركية وكذلك حقوق التملك والتأمينات الاجتماعية. لكن بالرغم من الإنجازات المتميزة في مسيرة مجلس التعاون، فإن هناك خطوات لا بد من قطعها لكي يتحقق التكامل الاقتصادي وتتقارب الإرادات السياسية بما يدعم توحيد الجهود والسياسات والتعامل مع بقية الأطراف العربية والإقليمية والدولية ويعزز الوحدة الاقتصادية بموجب أهداف اتفاقية السوق الخليجية المشتركة.
يذكر عبدالله بشارة الأمين العام الأول لمجلس التعاون الخليجي أن المجلس يمثل منظمة إقليمية مستمرة رغم كل الأزمات التي حدثت خلال السنوات الماضية. جاء ذلك في ندوة عقدت في مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية التابع لجامعة الكويت يوم الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني. ويقارن عبدالله بشارة مجلس التعاون الخليجي بمنظمات إقليمية تأسست ثم غابت عن الساحة ومنها منظمة التعاون العربي والاتحاد المغاربي.
ويضيف بشارة أن مجلس التعاون الخليجي لعب دورا هاما أثناء الحرب العراقية-الإيرانية وعمل من أجل وقف تلك الحرب العبثية التي أودت بحياة مئات الآلاف من العراقيين والإيرانيين ودمرت الحياة الطبيعية في البلدين وأنهكت الاقتصاد وأثقلتهما بالديون ومثلت عبئا كبيرا على دول الخليج. ولا شك أن نهاية الحرب في أغسطس/آب 1988 كان يمكن أن تكون فرصة لتبني سياسات مختلفة في العراق وإيران إلا أن الطغيان والاستبداد عطل مسار التنمية وأدى إلى خلق أزمات ثقيلة في المنطقة، وأهمها الاحتلال العراقي للكويت في أغسطس 1990.
الحكمة السياسية للقادة في اتخاذ القرارات والتحالفات الدولية التي أنجزت منذ عام 1990 مكنت دول المنطقة من أن تصبح واحة للأمان والاستقرار رغم كل التحديات الإقليمية غير المواتية. وقد عززت دول الخليج بما تمثله من إمكانيات في قطاع الاقتصاد النفطي من علاقاتها الاقتصادية مع الدول الرئيسة مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي واليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية.
كما أن انتعاش الحياة الاقتصادية وتطور الأوضاع المعيشية في دول المنطقة عزز التجارة في مختلف البلدان وأصبحت بلدان الخليج من أهم الأسواق المستوردة للسلع. يضاف إلى ذلك أن تطور الأنظمة المصرفية مكن من تطوير علاقات مع مختلف المؤسسات المالية والاستثمارية. ودفعت دول الخليج صناديقها السيادية والمستثمرين من القطاع الخاص لتوظيف الأموال لتحقيق العوائد الملائمة في مختلف الأسواق المالية وفي الاستثمارات المباشرة في بلدان عديدة، متطورة ونامية، ولذلك فإن هذه التطورات أكدت أهمية منظومة مجلس التعاون في الاقتصاد العالمي.