ظاهرة "الهاليو" Hallyu، أو "الموجة الكورية" كما يسميها الصينيون، حركة ثقافية استثنائية انطلقت من كوريا الجنوبية واكتسحت العالم على مدى ربع قرن تقريبا، لها حضور في مختلف المجالات الثقافية والفنية، بما في ذلك الموسيقى والدراما والأفلام والأزياء والجمال، وحتى المطبخ الكوري، بحيث ساهمت في تشكيل صورة جديدة عن كوريا الجنوبية على الساحة العالمية، وحوَّلت ثقافتها المحلية إلى قوة ناعمة عابرة للحدود، مما جعلها تقطف ثمار هذه الموجة في أرقى المحافل الثقافية على المستوى العالمي.
مثلا، يجب ألا يمر فوز الكاتبة هان كانغ بجائزة نوبل للآداب مرور الكرام، فهي أول كاتبة باللغة الكورية تنال هذا الشرف، كما ينبغي التأمل قليلا في النجاح الباهر لفيلم "Parasite"، الذي حصل على جوائز أوسكار عدة في عام 2020، بما في ذلك أفضل فيلم.
جذور تاريخية
نشأت "الهاليو" في أواخر تسعينات القرن الماضي، عندما بدأت الدراما الكورية تحظى بشعبية كبيرة في دول آسيا مثل اليابان والصين. في تلك الفترة، كانت كوريا الجنوبية في صدد تعزيز بنيتها التحتية الثقافية، مدفوعة بسياسات حكومية طموحة تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز ثقافي عالمي. فبدلا من الاعتماد على الصناعات الثقيلة أو التكنولوجيا فقط، ركّزت هذه الحكومة على دعم الإنتاج الثقافي مثل الموسيقى والتلفزيون والأفلام. وبفضل هذا الدعم القوي، بدأت الدراما الكورية تصل إلى شاشات التلفزيون في الدول الآسيوية المجاورة، وهذا مهَّد السبيل لانطلاق "الهاليو".
ثم اتسعت دائرتها لتشمل مجالات أخرى، خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، فأصبحت الموسيقى الكورية، أو ما يُعرف بـالكي-بوب (K-pop)، القوّة الدافعة الرئيسة لنشر الثقافة الكورية خارج حدود آسيا. ومنذ ذلك الوقت، تطوّرت "الهاليو" لتشمل مجالات متنوعة كالأفلام، ومستحضرات التجميل الكوري (K-beauty)، والمطبخ الكوري، لتصبح الثقافة الكورية ظاهرة عالمية.