أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أول تعديل حكومي في ولايته الرئاسية الثانية، ولعل أهم ما ميزه تعيين قائد أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع وهو المنصب الذي كان معمولا به سابقا. كما تم تفريع الوزارات الاقتصادية، واستحدثت حقيبة جديدة تُعنى بالشؤون الأفريقية، بينما يبقى الأمر المثير للانتباه والتساؤل الحضور الطاغي للتكنوقراط والتراجع الملحوظ للوجود السياسي بخلاف ما كان متوقعا ورائجا من أن تحظى أحزاب الأغلبية الرئاسية بمشاركة أكبر لا سيما تلك التي شكلت الحزام الانتخابي الداعم للرئيس تبون في الانتخابات الرئاسية التي نُظمت في السابع من سبتمبر/أيلول الماضي.
واللافت للنظر أن الأحزاب المشكلة لهذا الحزام ضيّعت حقائب هذه المرة، كـ"جبهة المستقبل" التي فقدت حقيبتها الوحيدة في الجهاز التنفيذي وهي وزارة العلاقات مع البرلمان. أما "جبهة التحرير الوطني" فقد فقدت حقيبة وزارة العدل بتنحية الوزير عبد الرشيد طبي الذي تم استدعاؤه لمهام أخرى. كما فقدت "حركة البناء الوطني" هي الأخرى حقيبتين وزاريتين هما الصيد البحري والتكوين المهني، بإنهاء مهام كل من أحمد بداني وياسين ميراوي.
ما دلالات الغياب الحزبي؟
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: ما دلالات تقليص حصة الأحزاب السياسية في الحكومة؟ وما هي الرسائل المباشرة التي يحملها هذا الغياب؟ عُموما لا يمكن اعتبار تقليص حصة الأحزاب مُفاجئا في التركيبة الحكومية المتجددة، فهذا التعديل لا يختلف عن التعديلات السابقة التي أجريت منذ وصول الرئيس تبون إلى سدة الحكم في البلاد، وجميعها تحمل بين طياتها رسالة واحدة مفادها انفصال "التنفيذي" عن "التشريعي" بعد أن سار العرف في العقدين الماضيين على اختيار برلمانيين ضمن الجهاز التنفيذي، حتى إن وزارة العلاقات مع البرلمان ظلت حكرا على النواب فقط.