منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عادت أزمة الجوع لتخيم بظلالها على أكثر من مليون ونصف المليون من النازحين الغزيين في قطاع غزة، وذلك بعد عمليات تقنين إسرائيل لدخول شاحنات المساعدات الإغاثية، إلى جانب سرقة ونهب الشاحنات تلك على يد عصابات غزية منظمة تسمح إسرائيل بدخولها عن طريق معبر كرم أبو سالم أقصى جنوب شرقي رفح، فتقوم بأفعالها تحت مرأى الجنود الإسرائيليين الموجودين في مناطق قريبة من مكان تمركزها.
وبدأت عمليات سرقة شاحنات المساعدات منذ أشهر، في فبراير/شباط الماضي، حيث عانى النازحون، في جنوب ووسط وشمال قطاع غزة، من الجوع بسبب فقدان المواد الغذائية الأساسية وحاجتهم للخيام والملابس. وكان الأمر يتم بهدف الحصول على بعض المساعدات من سكان فقدوا أدنى مقومات الحياة، إلا أنه وفي تلك الفترة، بدأت بعض العصابات غير المنظمة في الظهور، والتي أصبحت تغلق الشوارع في طريق الشاحنات بهدف توقيفها وإبطاء سيرها ثم الانقضاض عليها وسرقة بعض من حمولتها، لكن الأمر تطور مع مرور الوقت.
ومع تزايد عمليات السرقة، أصبحت المؤسسات والمنظمات الدولية، تستخدم بعض الشباب الذين عرفوا بـ"جماعات تأمين المساعدات"، فتكون مهمتهم العمل على حماية المساعدات من النهب والسرقة بهدف تأمين وصولها إلى هدفها المحدد، إلا أنه وبسبب استخدام مجموعات النهب والسرقة للأسلحة وإطلاق النار على الشاحنات والتي أدت إلى مقتل عدد من العاملين في مجال التأمين، أصبح الأمر يشكل خطورة على حياتهم، لتحاول المنظمات العمل على إدخال المساعدات من طرق مختلفة. كما أن الجيش الإسرائيلي لم يتعاون في هذا الأمر بحسب ما يقول عدد من العاملين في المنظمات الإغاثية الدولية، وهو ما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها.
وقد تفاقمت أزمة سرقة المساعدات والبضائع، بعد شهر مايو/أيار الماضي، حيث كانت المساعدات تدخل عن طريق معبر رفح البري، والذي سيطر عليه الجيش الإسرائيلي وعمل على تدميره وإغلاقه في الشهر ذاته. وهو ما أثر على البضائع الواردة إلى السكان والنازحين في قطاع غزة، حيث كان يتم السماح بدخول أو تهريب السجائر عن طريق معبر رفح، لكن القوات الإسرائيلية عملت على منع إدخالها بشكل رسمي بعد اعتماد دخول المساعدات وبضائع التجار عن طريق معبر كرم أبو سالم. ووصل الأمر بالجيش الإسرائيلي، بحسب ما يتداول به، لاستخدام هذا الأمر كمقايضة مع الغزيين في الحصول على معلومات حول المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة لدى حركة "حماس"، مقابل الحصول على السجائر.