في الوقت الذي يتهافت الكثير من الكتّاب على صيد الجوائز في معظم محافلها عالميا، حدّ باتت أسماء البعض منهم ملازمة لصخب نجوميتها وحضورها الإعلامي، يُحسب لأقلية أخرى من الكتاب نزوعهم المضاد في النظر إلى ثقافة الجوائز، بين من رفض نيلها بعد التتويج، ومن ظفر بأغلبها مسبقا لكن ارتدّ عليها لاحقا، وبين من قاطعها طوال حياته الإبداعية، إما لأسباب سياسية، أو أخلاقية، أو إنسانية، أو وجودية، أو أدبية خالصة.
ضد الإبادة
مَثَارُ جدلِ هذا الموضوع، أعاده وجدّده ما أقدم عليه كتّاب أميركيون من أصول متعدّدة في خطوة لافتة بعد الانسحاب من اللائحة المرشحة للجائزة السنوية التي ترعاها مؤسسة أو نادي "القلم" الأميركي عام 2023، اعتراضا على موقف المؤسسة المطبّع مع جرائم إسرائيل في غزة، إذ يبدو تواطؤها واضحا من خلال إنكار الإبادة، وضمت قائمة هؤلاء المقاطعين تسعة كتّاب مرشحين بقوة لجوائزها ومنها الخاصة بأفضل كتاب، والتي تحمل اسم همنغواي، واسم جان شتاين.
هذا ما تفاقم مع إلغاء حفل الجائزة نفسها لهذه السنة 2024، إذ انسحب من لائحتها 29 كاتبا مرشحا للسبب ذاته، تنديدا بخرق حرية التعبير وانحياز المؤسسة للطرف الإسرائيلي في ارتكاب محارق يومية في غزة، وكذا تضامنا من هؤلاء الكتّاب مع المبدعين الفلسطينيين، فقاطعوا جوائزها الأخرى مثل جائزتي روبرت بينغهام، وفوكنر، وثالثة هي جائزة القلم للترجمة، ومن بين الكتّاب المنسحبين: كريستينا شارب، وكاثرين لايسي، وجوزيف إيرل توماس، ومايا بينيام.
وفي الولايات المتحدة أيضا، رفضت الكاتبة جومبا لاهيري ذات الأصل الهندي استلام جائزة إيسامو نوغوتشي لهذا العام 2024 الممنوحة من متحف نوغوتشي في كوينز بنيويورك، عندما طرد المتحف ثلاثة موظفين ارتدوا الكوفية تضامنا مع الفلسطينيين في غزة.
وفي هذا المنحى التضامني مع غزة، أعادت الكاتبة الجنوب أفريقية زوكيسوا وانر هذا العام جائزة معهد غوته التي نالتها عام 2020، إذ رفضت الاحتفاظ بأيقونة تكريمها بميدالية غوته المرموقة بالنظر إليها كلقب ترعاه الحكومة الألمانية المتواطئة في الإبادة التي تتعرض لها غزة، وهي من أكبر مصدري الأسلحة لإسرائيل، مصرحة بأن هذا التوسيم صادر عن الجناح الثقافي لحكومة تقف على الجانب الخطأ من الإبادة الجماعية مرةً أخرى.