في 16 سبتمبر/أيلول 1977، وصل وزير خارجية إسرائيل موشي ديان إلى المغرب للقاء نائب رئيس الحكومة المصرية الفريق حسن التهامي، أحد المقربين من الرئيس أنور السادات. تسقط هذه الزيارة من الأدبيات التاريخية عادة ولكنها مهّدت الطريق وبشكل كبير جدا لزيارة السادات إلى القدس في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام. كان السادات دائما في عجلة من أمره... في عجلة لخوض حرب أكتوبر سنة 1973، وفي عجلة للوصول إلى وقف إطلاق النار... في عجلة إلى فتح علاقة جيدة مع الأميركيين وإلى الانقلاب على حلفائه التاريخيين في الاتحاد السوفياتي. وفي مذكراته يقول إنه كان في عجلة أيضا للوصول إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل، منذ اللحظة الأولى لتنصيبه رئيسا لمصر في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1970. جاءه السفير الأميركي إليوت ريتشاردسون لتقديم واجب العزاء في الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فقال له السادات: "كل ما أريده هو السلام. أدعوكم للعمل من أجل السلام".
وفي أبريل/نيسان 1977 كان السادات قد توجه إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي الجديد جيمي كارتر، وقدم له مقترحا لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وانسحاب إسرائيل من كل المناطق العربية المحتلة منذ سنة 1967. وفي شهر أغسطس/آب ذهب إلى بوخارست للقاء الرئيس نيكولاي تشاوشيسكو الذي كان قد أنهى لقاء مدته ثماني ساعات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن. قال له الرئيس الروماني: "بيغن يريد التوصل إلى حل. دعني أقر لك أنه قطعا يريد السلام".
بنى السادات على هذه العبارة وعرض أن تتم دعوته إلى القدس من رؤساء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن: جيمي كارتر من الولايات المتحدة، ليونيد بريجنيف من الاتحاد السوفياتي، الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، الزعيم الصيني هوا جيو فينغ، ورئيس وزراء بريطانيا جيمس كالاهان. فاقت فكرة السادات الطموحة قدرتها على التحقيق، ومع ذلك بذلت كل من رومانيا وإيران والمغرب والولايات المتحدة مجهودا كبيرا وقامت بنقل الرسائل بينه وبين الإسرائيليين، وصولا لتحديد موعد زيارته إلى القدس في 19 نوفمبر 1977. كان وزير الخارجية المصرية إسماعيل فهمي أول من علم بهذه الزيارة، وأول من استقال من منصبه اعتراضا عليها.
"إلى آخر مكان في العالم"
قبل الإعلان عن موعد الزيارة كان على السادات تهيئة الأجواء والرأي العام المصري والعربي، وفي 9 نوفمبر خطب في مجلس النواب وأعلن عن استعداده الذهاب "إلى بيتهم... إلى آخر مكان في العالم" من أجل السلام.