في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عقدت في الرياض قمة عربية- إسلامية مخصصة للقضية الفلسطينية. ومن اللافت مشاركة خصمين لدودين معا في هذه القمة، وهما الرئيسان السوري بشار الأسد، والتركي رجب طيب أردوغان. كان لقاء كهذا يعد حتى وقت ليس بالبعيد أمرا مستحيلا. كما شارك في القمة النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا عارف الذي التقى بعد القمة، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكان الأمير محمد بن سلمان قد قال في افتتاح القمة: "إنه على المجتمع الدولي أن يوقف على الفور الإجراءات الإسرائيلية ضد إخواننا في فلسطين ولبنان"، وأدان الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة باعتبارها "إبادة جماعية". كما قال: "إنه على المجتمع الدولي أن يُلزم إسرائيل باحترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانيةالشقيقة، وعدم الاعتداء على أراضيها". وفي ختام القمة، صدر بيان ختامي باسم جميع الدول المشاركة.
بعد فوز ترمب
من المعروف أن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من أشد الداعمين لليمين في إسرائيل، فهو يدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقوة، وخلال ولايته الرئاسية الأولى، اعترف بصورة فردية بالقدس (والتي يعدها الكثير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أرضا محتلة) عاصمة لإسرائيل، وعلى الأرجح فإن ترمب يعتزم دعم متطرفين في حكومة نتنياهو، مثل الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وبن غفير، وزعيمهما الروحي دوف ليئور، فكل هؤلاء يصرحون علنا بأن على إسرائيل التعجيل بالسيطرة على المسجد الأقصى، وإلغاء الفلسطينيين، وحتى احتلال سوريا بما في ذلك دمشق لإقامة إسرائيل الكبرى من البحر إلى البحر.
وفي أعقاب انتخاب ترمب، صرح سموتريتش بأن الوقت قد حان للمضي قدما في "إبادة الفلسطينيين" في الضفة الغربية لنهر الأردن أيضا، وبالطبع إلى جانب ذلك تفجير المسجد الأقصى. ومهما حاول الزعيم الفلسطيني في الضفة الغربية والخصم السياسي اللدود لـ"حماس"، محمود عباس الاحتفاظ بموقف معتدل حتى وهو يشاهد الإبادة الجماعية لشعبه في غزة، فإنه لن يكون في منأى عن الإرادة الحديدية لليمين الإسرائيلي في محاولة الوصول إلى تصفية نهائية للقضية الفلسطينية.
لقد قام ترمب بتسريع هذه الإجراءات. وفي الوقت الحالي جرد أنصار الموقف المعتدل في العلاقات مع الغرب من الحجج. فإسرائيل عازمة على إبادة أو ترحيل الفلسطينيين من إسرائيل، وهدم المسجد الأقصى والمباشرة ببناء الهيكل الثالث، وهذا برأيهم يمهد الطريق لظهور المشيح (المسياه) المنتظر عند اليهود. ويدعو الكاتب الصهيوني اليميني يتسحاق شابيرا في كتابه "توارة الملك" والذي نشر في 2009 وأقره الحاخام دوف ليئور، أحد منظري المسيحية اليهودية، بصورة مباشرة إلى التصفية الجسدية لكل "أعداء إسرائيل" بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن. وهذا هو بالضبط ما يقوم به الإسرائيليون في غزة ويستهدفون اليوم السلطة الفلسطينية (والتي تعترف بها الأمم المتحدة كدولة مستقلة) في الضفة الغربية لنهر الأردن. وعليه، فإن كانت الأمم المتحدة ضد ما يحدث، فإن الأمم المتحدة هي "عدو إسرائيل" أيضا كما يخلص إليه المتطرفون الإسرائيليون والذين يصرحون بأن رئيس هذه المنظمة أنتونيو غوتيريش "شخص غير مرغوب فيه".
رمزية اجتماع الرياض
دفعت كل هذه العوامل قادة العالم الإسلامي إلى تجاوز خلافاتهم الداخلية والاجتماع في الرياض، وقد دعا أردوغان إلى مقاطعة إسرائيل، وطالبت السعودية بالاعتراف بفلسطين، وتوحيد كل البلدان الإسلامية لصد العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ولبنان وإيران. وفي الوقت ذاته، فإن إسرائيل تهاجم سوريا، ولذا فقد كان لحضور الأسد وكلمته القاسية المناهضة للغرب رمزيته الكبيرة.