"وداعات مستحيلة"، الفائزة بجائزة "ميدسيس" المرموقة العام الماضي، ليست فقط تأملا في الألم الشخصي، بل تمثل شهادة أدبية على مجازر "جيجو" التي وقعت في عام 1948، فالرواية تستند إلى أحداث تاريخية قلّما سُلّط الضوء عليها خارج كوريا الجنوبية، مما يعطيها بعدا ثقافيا عميقا، فالكاتبة من خلال استعادة تلك الأحداث المأساوية، تسهم في توسيع آفاق القراء وتذكيرهم بأحداث تاريخية قد تكون مُغيّبة عن الوعي العالمي. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار "وداعات مستحيلة" أكثر من مجرد رواية، بل أيضا وثيقة ثقافية تفتح نافذة على تاريخ قديم لا يزال يشكل وجدان المجتمع الكوري الحديث.
تدور أحداث الرواية حول "غيونه"، الكاتبة التي تعيش في حالة من الضياع والإحباط، محاطة بكوابيس متكررة وآلام شديدة، مما يجعلها عاجزة عن الكتابة. تعيش البطلة في ضواحي سيول، حيث فقدت عائلتها وعملها، وغرقت في الوحدة المظلمة.
تتلقى "غيونه" رسالة من صديقتها "إنسيون"، تطلب منها المساعدة في العناية بببغائها الأبيض "أمار"، الذي يوشك على الموت إن لم يتلقَ الرعاية. هذا الطلب يفتح بابا أمام "غيونه" لتخرج من عزلتها، لكنها تجد نفسها مجبرة على مواجهة تاريخ الجزيرة التي ستسافر إليها، جزيرة "جيجو"، حيث حدثت مجازر مروعة في عام 1948.
رحلة "غيونه" إلى "جيجو" تمثل غوصا في ذاكرة جماعية مؤلمة؛ الماضي ليس بعيدا، بل يظل حاضرا بقوة. ينعكس ذلك تماما كما في العبارة الشهيرة لجورج أورويل: "تاريخ البشرية هو نهر من الدماء"، إذ تحمل الرواية هذا العبء التاريخي، بحيث يعكس سرد الأحداث كيف أن المجازر التي وقعت ليست مجرد ذكريات ماضية، بل هي جزء لا يتجزأ من وجدان الجزيرة وسكانها. الذكريات في هذه الرواية ليست شخصية فقط، بل هي شظايا من الذاكرة الجمعية التي تتشابك لتشكل هوية الأفراد والمجتمعات.