يحتفل "ناشيونال غاليري" في لندن بالذكرى المئوية الثانية لتأسيسه من خلال إقامة معرض شبه شامل للرسام الهولندي فنسنت فان غوغ بعنوان "فان غوغ الشعراء والعشاق". عنوانٌ، كانت المختارات التي جُلبت من مختلف المتاحف العالمية والمجموعات الخاصة مخلصة له وهو ما يدعو إلى الثناء على دقة الرؤية ورهافتها وعمقها في الاختيار، على الرغم من أن المرء حين يغادر المعرض يشعر أن هناك أعمالا تدخل في صلب الموضوع شكّل غيابها نقصا قد لا يشعر به الكثير من عشاق فن فنسنت وهم من مختلف الأعمار.
تذكرت وأنا أتنقل بين القاعات المزدحمة، ذلك الطابور الطويل أمام متحف فان غوغ في أمستردام. لا أعتقد أن الأساطير التي حيكت حول حياة فنسنت وشخصيته هي السبب الوحيد الذي يجذب ذلك الجمهور الواسع إليه.
ربما لعبت رسائله إلى أخيه ثيو وتُرجمت إلى مختلف لغات العالم دورا مهما في التعبير عن شخصيته، لكنّ تأثير رسومه لا يزال قائما. وإذا ما كان فنسنت عانى في حياته من سخرية فناني باريس الذين اعتبروه فنانا صينيا، وهو ما دفع به إلى الهروب إلى آرل في الجنوب الفرنسي، فإن التقدير الذي حظي به فنه بعد سنوات قليلة من وفاته، صار يتسع مع الوقت حتى بلغ درجة صار الإقبال فيها على رؤية عدد من لوحاته لا يقل عن الإقبال على رؤية موناليزا دافنشي.
نستطيع القول على وجه اليقين إن فنسنت لو عرف بهذه الشهرة التي تحققت له، فإنه كان ليعتبرها نهاية كئيبة. ذلك لأنه لم يكن يفكر في الانتشار الشعبي عبر العشر سنوات التي مارس فيها الرسم.