بعد أكثر من شهر على انطلاق العملية العسكرية البرية الإسرائيلية على محافظة شمال قطاع غزة، والتي تتكون من ثلاث بلدات رئيسة "جباليا، بيت لاهيا، بيت حانون"، أصبحت المحافظة مفصولة تماما عن مدينة غزة التي فصلها الجيش الإسرائيلي عن وسط وجنوب القطاع قبل قرابة عام ماضي، حينما أنشأ محور نتساريم جنوب مدينة غزة وبموازاة وادي غزة من الشرق وحتى أقصى الجنوب.
بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع، في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما تعرضت المناطق الشمالية وبالتحديد مخيم جباليا، إلى قصف مدفعي وحربي كثيف بهدف تهجير أكبر قدر ممكن من السكان والنازحين من المخيم، واستخدمه الجيش كغطاء لتقدم دباباته وآلياته العسكرية المصحوبة بمئات الجنود لمحاصرة المخيم وملاحقة فصائل المقاومة الفلسطينية والقضاء عليها، بحسب ما أعلن الجيش حينها في بيان رسمي.
ويقول محمد عويص (33 عاما) وهو من سكان جباليا النزلة بالقرب من دوار أبو شرخ، إن القصف الإسرائيلي صاحبه تقدم للجيش من المناطق الشرقية والغربية والشمالية لمخيم جباليا، وتزامن مع ذلك توغل بري في مناطق السلاطين والعطاطرة والتوام في بيت لاهيا غربا، صاحبه إلقاء الجيش الإسرائيلي لأوامر إخلاء في منشورات ألقتها طائرات دون طيار على مخيم جباليا تطالب السكان بالإخلاء الفوري تحت النار.
ويضيف: "الناس أُجبرت على النزوح بسبب الخوف والرعب على أطفالهم ونسائهم من القصف الإسرائيلي الذي استهدف وقتل عشرات العائلات داخل منازلهم خلال الأيام الأولى من الاجتياح والتوغل البري"، مشيرا إلى أن عددا من السكان نزحوا باتجاه مناطق قريبة على المخيم، إلى أحياء الشيخ رضوان وشارع الجلاء شمال مدينة غزة، وذلك عن طريق دوار أبو شرخ الذي أصبح ممرهم للنزوح والقريب من منزل عائلته، فيما نزح عشرات آخرون إلى داخل المناطق الشمالية، وبالتحديد إلى بلدة بيت لاهيا.
وكان مخيم جباليا قبل العملية البرية المستمرة حتى نشر هذا التقرير، يعج بالسكان والنازحين من مختلف المناطق: المنازل مأهولة بالسكان، والمدارس جميعها تحولت إلى مراكز إيواء لآلاف العائلات التي فقدت منازلها واضطرت للنزوح خلال أشهر الحرب الماضية بسبب عمليات برية عسكرية سابقة على مناطق سكناهم، وقصف أحيائهم السكنية بالأحزمة النارية المكثفة سابقا "ما في أرض فاضية بالمخيم إلا والناس عملت عليها خياما وأقامت فيها، على الأرصفة والطرقات ومحيط المدارس والمستشفيات، ما كان في وسع الواحد يمشي في شوارع المخيم بسبب الكثافة السكانية من النازحين"، حسب ما يقول عويص لـ"المجلة".