سئل الفيلسوف الفرنسي بول فيريليو، في إحدى محاوراته، عما يقصده بمصطلح "تدبير الخوف" فأجاب: "أعتقد أنه إذا كنت أستخدم هذا المصطلح، فهذا يعني أمرين: أولا، أن الخوف أصبح الآن بيئة، وسطا، عالما، فهو يشغلنا ويقلقنا.
في الماضي، كان الخوف ظاهرة مرتبطة بأحداث محددة، يمكن التعرف اليها، وكانت أساسا محددة في الزمن: حروب، مجاعات، أوبئة... أما اليوم، فإن العالم نفسه، المحدود، المشبع، المنكمش، هو الذي يحتضننا ويضغط علينا في نوع من رُهاب الأماكن المغلقة: أزمات سوق الأسهم المُعْدية، الإرهاب غير المميز، جائحة سريعة، حالات انتحار "مهنية"...
الخوف هو العالم، والذعر، بالمعنى "الكلي". ولكن "تدبير الخوف" يعني أيضا أن الدول تميل إلى تحويل الخوف، وتنظيمه، وإدارته، تحويله إلى سياسة..."تدبير الخوف" هو السياسة بلا مجتمع و"بوليس"، هو إدارة البشر عندما لا يعود لديهم مكان يشعرون فيه بأنهم "في وطنهم"، عندما يشعرون بالضيق في كل مكان، ويحلمون بمكان آخر غير موجود".
الخوف جهازا إداريا
لم يعد الخوف في عالمنا المعاصر إحساسا يتعلق بفرد بعينه، ذلك الخوف الذي قد لا يكون متولدا إلا عن أوهام، وإنما صار "دولة" وجهازا إداريا، بمعنى قوة عامة تفرض واقعا زائفا، وفي الوقت نفسه، هو "تدبير" من حيث أن السلطات الحاكمة تميل إلى استثماره وتوظيفه، وتحويله إلى سياسة.