ألقى الهجوم البحري الإسرائيلي على شواطئ البترون شمال لبنان، فجر السبت الماضي، بثقله على المشهد السياسي اللبناني، ووضع الجيش اللبناني ودوره خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان أمام المجهر، وهذه المرة من باب التقصير في حماية الحدود البحرية في مناطق بعيدة جغرافيًا عن المواجهات الدائرة منذ 27 سبتمبر/أيلول الماضي.
لم يكن اتهام الجيش بالتقصير باكورة الحملة عليه وعلى قائده، فهذه الحملة بدأت منذ أن عجزت القوى السياسية عن التوافق على رئيس للجمهورية، ودخول البلاد في فراغ رئاسي منذ أكثر من سنتين، واتخذت هذه الحملة بعدًا سياسيًا يهدف لقطع الطريق على العماد جوزيف عون للوصول إلى بعبدا. شكل التيار الوطني الحر رأس حربة في هذه الحملة، لاعتبارات تتعلق بالخلاف بينه وبين قائد الجيش، وعبرت عن هذا الخلاف تصريحات مسؤولي التيار، والعلاقة المتشنجة بين عون، ووزير الدفاع موريس سليم المحسوب على التيار.
فريق آخر بدأ يتوجس ريبة من العماد عون وفرصته الرئاسية، هو الثنائي الشيعي الذي كان يدعم سليمان فرنجية للوصول إلى الرئاسة، ولكنه منذ بدأ التركيز الدولي على تطبيق القرار 1701 والدور المنوط بالجيش، أصبح موقف الثنائي من قائد الجيش أكثر تشددًا، لاعتبارات تتعلق بالثقة التي توليه إياها الإدارة الأميركية، والتي ترجمت على مدى سنوات دعمًا للجيش على الصعيدين اللوجستي والمادي، وتوجت مؤخرًا في مؤتمر باريس الشهر الماضي بتخصيص الجيش مباشرة، وليس عبر الحكومة اللبنانية، مبلغ 200 مليون دولار لتمكينه من تطبيق مندرجات القرار 1701.
لا يمكن بأي حال فصل الجيش عن قائده في لبنان، وتدل على ذلك تجارب المؤسسة العسكرية منذ تجربة اللواء فؤاد شهاب، مرورًا بتجارب العماد إبراهيم طنوس، والعماد ميشال عون، ومن بعده العماد إميل لحود وسواهم. فالحملات الشخصية على هؤلاء، لاعتبارات فرضتها كل مرحلة، سرعان ما ارتدت سلبًا على الجيش لجهة دوره ومهامه.