سيبقى القائد المؤسس ياسر عرفات حاضرا في وعينا، نحن الشعب الفلسطيني، على الأقل لفترة طويلة قادمة خاصة في ظل الضياع الذي نعيشه في هذه المرحلة.
شخصيا، بطبيعة الحال كابن شقيقته، بدأت العلاقة الحميمة مبكرا. ما زلت أذكر زيارة له إلى شقة أبي المتواضعة في بنغازي، ليبيا، حيث كان يعمل الوالد، وهي زيارة تمت قبل انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقضى "أبو عمار" وقتها الليلة عندنا. ما زلت أتذكر أن همي الأساسي كطفل كان منصبا على معرفة عدد الفدائيين حتى أستطيع الاطمئنان على النصر القادم. كان "أبو عمار" يضحك، وطبعا لا يجيب الإجابة التي يمكن أن تشفي غليلي ويكتفي مع الضحك بالقول "عدد شعر راسك".
اللقاء الآخر الذي أتذكره كان في بلغراد، يوغسلافيا زعيمة "حركة عدم الانحياز" بعد أن أصبح "أبو عمار" قائدا عالميا معروفا وصديقا لرئيس يوغسلافيا جوزيف تيتو. "أبو عمار" طلب أن يراني في لحظة معينة وكنت طبعا جزءا من الاتحاد العام لطلبة فلسطين ومن تنظيم حركة "فتح"، وأتذكر جيدا خلال اللقاء الخاص أنه أعطاني مئة دولار دفعة واحدة رأيتها حينها ككنز كبير.
بشكل عام كان "أبو عمار" يهتم كثيرا بعلاقاته العائلية، خاصة شقيقاته وأشقاءه بداية بالحاجة إنعام، رحمة الله عليها، التي كان يحرص على زيارتها بشكل يومي في المستشفى آخر حياتها في قطاع غزة، وهي التي ربته صغيرا بعد وفاة أمه، رحمة الله عليها، ثم والدتي يسرى، رحمة الله عليها، التي كان يحبها كثيرا. لكن القاعدة العامة كانت أنك كلما أمعنت في العمل الوطني الرسمي كلما تقلصت العلاقة الشخصية، وهكذا تقلصت علاقتي الشخصية معه، رحمه الله، وفي كثير من الأحيان كانت تمر عبر أختي الصغرى التي كان يحبها أيضا والتي أحضرها فترة إلى بيروت. أتذكر أنني ذهبت في إحدى المرات لزيارتها في شقة متواضعة في حي الفاكهاني كان يسكن بها "أبو عمار" ولم يكن فيها حتى مكيف هواء. المهم أنني وجدت "أبو عمار" هناك لأنه كان يعاني من البرد. جلسنا سويا وتدريجيا بدأت العلاقة الشخصية الحميمة بالعودة لتحتل مكانها الطبيعي.