معظمنا يعرف قصة الحب التي جمعت لوي أراغون وإلسا تريولي، وباتت اليوم أسطورة. ومَن يجهل هذه القصة، ربما سمع بديوان أراغون "عينا إلسا" (1942) أو بديوانه الآخر "مجنون إلسا" (1963). لكن هذا الشاعر الذي كتب يوما أن "مستقبل الرجل هو المرأة"، كان عاجزا في الواقع عن الاكتفاء بحب امرأة واحدة، فأحب نساء كثيرات، قبل إلسا، وخلال علاقته بها. ومن بين هؤلاء النساء، شابة تُدعى دنيز وقع في غرامها في سن السابعة والعشرين وكتب لها 21 رسالة نارية صدرت حديثا في كتاب عن دار "موريس نادو".
أهمية هذه الرسائل لا تكمن فقط في كشفها طبيعة المشاعر التي أشعلتها هذه الشابة داخل أراغون، ظروف اشتعالها، مآلها، وتداعياتها داخل إنتاجه الروائي، بل في إنارتها أيضا تلك المرحلة المحورية من حياته التي شارك خلالها في تأسيس الحركة السوريالية مع صديقيه أندره بروتون وفيليب سوبو.
تكمن أيضا قيمة هذه الرسائل في تبديدها بعضا من الغموض الذي لا يزال يلفّ شخصية وحياة تلك المرأة الساحرة التي مارست فتنتها، من غير قصد، على أراغون، بل على كل من كان محظوظا ـــ أو ملعونا ـــ بلقائها، بدءا ببروتون وبول إيلوار ورينه شار، الذين كتبوا قصائد لها، مرورا بمكسيم ألكسندر الذي نافس أراغون على حبها، وبيار نافيّ الذي حظي بيدها، وانتهاء بموريس نادو الذي ندين له بكشف النقاب عن هذه الرسائل التي أجبرت بيار ديكس، حين اطلع عليها، على إعادة كتابة نصف صفحات السيرة المرجعية التي كان قد وضعها لأراغون، بالتعاون معه.
إلهام
في مطلع المقدمة التي خطّها لهذه الرسائل، يقول ديكس: "كنا نعرف أن بيرينيس، بطلة رواية "أوريليان" (1943)، هي في الواقع امرأة حقيقية عرفها أراغون خلال مرحلته السوريالية. تحضر هذه المرأة أيضا في روايته الأخرى "قروي باريس" (1926)، وإن تعمّد الشاعر فيها إحداث التباس في هويتها بجعلنا نظن أنها إير دو لانوكس (...)، وفي سردية "عانة إيرين" (1928)" التي كان من المفترض أن تأخذ مكانها داخل روايته "دفاع عن اللانهائي" التي أحرق معظم صفحاتها في مدريد عام 1927.