تسعى الحكومة المصرية بكل ما أتيح لها من أدوات لكبح جماح التضخم وخفض معدلاته. وبات المصريون بين شد وجذب بين سندان الدولة ومطرقة صندوق النقد الدولي وضغوطه المستمرة، بحسب الشارع المصري، نظراً للضائقة في مجابهة متطلبات المعيشة التي أصبحت في منتهى الصعوبة. ومع الأزمات المشتعلة في المنطقة، تتزايد المخاوف من إطالة أمد الصراع بين إسرائيل و"حماس" و"حزب الله" وإيران، ومن دخول دول أخرى في هذه الدائرة الجهنمية، خصوصا باعتبار مصر جارة لدول الصراع، مما يزيد خشية المصريين من تعرض البلاد لأي أزمات مفاجئة.
ويحاول المصريون التأقلم مع الوضع القائم، إلا أن هناك تخوفا من ضغوط تضخمية قد تتولد بحلول نهاية السنة الجارية، تهدد مسار منحنيات التضخم الحالية، ومن اتجاه الحكومة نحو التشدد في السياسة النقدية وترشيد الدعم. وتستمر الحكومة في سياسة رفع أسعار المحروقات التي أشار إليها رئيس الحكومة المصرية الدكتور مصطفى مدبولي بإعلانه رفع الدعم تدريجياً عن المحروقات بحلول نهاية 2025، وهو ما قد يؤثر في أسعار المستهلكين، إذ سيرفع معه أسعار السلع المؤثرة في معدل التضخم مثل الديزل والكهرباء والأدوية والغذاء.
معركة دولية مع الدولار
تُعَدّ معركة مصر مع التضخم معركة دولية، سببها في الأساس تهور السياسة النقدية الأميركية التي دعمت الدولار بأكثر مما يستحق من خلال رفع معدلات الفائدة، على الرغم من انخفاض هذه المعدلات 50 نقطة أساس في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن تلك السياسة أضرت بعملات الاقتصادات النامية والناشئة التي باتت تعاني شحاً في احتياطات الدولار. صحيح أن هناك جزءا يتعلق بالإدارة الداخلية، لكن ثمة مسؤولية ومؤثرات خارجية كبرى.