يحتاج مشهد هبوط طائرة تابعة لشركة "طيران الشرق الأوسط" اللبنانية على مدرج مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، الكثير من التركيز، لفهم دلالات المغامرة بهبوطها "البطولي"، وسط تصاعد لهب النار، وتداخله مع دخان القصف الجوي الإسرائيلي الكثيف، وغباره، وبالتزامن أحياناً مع إغارة المقاتلات الحربية على محيط المطار، وعلى أهداف في ضاحية بيروت الجنوبية الملاصقة له.
يمكن للوهلة الأولى أن يبدو المشهد كأحد المشاهد السينمائية المركبة، أو المصورة باحتراف، لمتعة الجماهير الهوليودية. بيد أن مشهدَي الهبوط والإقلاع، على سوريالتهما، هما حقيقة يومية مستمدة من واقع إصرار إدارة النقل الجوي العنيد، على استمرار عمل مطار بيروت مهما كانت الأخطار، وصموده في تقديم خدماته، على الرغم من الحديد والنار، ومن وجوده على تماس وتداخل جغرافي مباشر مع ضاحية بيروت الجنوبية، التي تتعرض لقصف جوي إسرائيلي مركَّز وعنيف، ولدمار لم يتوقف منذ أكثر من شهر.
إقلاع وهبوط وسط الغارات والقصف
أطلق الإسرائيليون، في سياق الحرب النفسية تهديدات عدة وإنذارات مباشرة باحتمال قصفهم المطار وتدميره. لكن حاجة الدول الأوروبية وأميركا إليه، كمنصة إجلاء لرعاياهم، وضرورة توفره لإمدادات قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل" العاملة في الجنوب، واستقبال المساعدات الدولية الإنسانية والصحية للنازحين، بالإضافة إلى حاجة غالبية الهيئات الديبلوماسية والأممية العاملة في لبنان وسوريا إليه، كمحطة عبور نحوها، دفعتهم إلى منع إسرائيل من التعرض له، أو إخراجه من الخدمة، حتى الآن.